للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨١ - {قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ:} قال الكلبيّ: إنّ النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدّار بن قصيّ، لعنه الله تعالى، كان يهزأ بالقرآن، وأنكر عليه عثمان بن مظعون وقال: اتق الله، فإنّ محمدا ما يقول إلا حقا، قال النّضر بن الحارث: وأنا والله (٢٩٢ ظ) ما أقول إلا حقا، قال النّضر بن حارث: وأنا، والله، فإنّي أقول: لا إله إلا الله، كما يقول محمد لا إله إلا الله، ولكنني أقول: إنهنّ بنات الله، أي: الأصنام، فأنزل، فلمّا سمعها النّضر بن الحارث فهم منها ما أعجبه، وقال: إنّ محمدا قد صدّقني، فقال الوليد بن المغيرة: ما صدّقك، ولكنّه كذّبك، فإنّه يقول: ما كان للرحمن ولد (١) لا يعني من أن يكون له ولد، فغضب النّضر بن الحارث عند ذلك، وقال: {اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ. . . عَلَيْنا} الآية [الأنفال:٣٢]، فأنزل الله تعالى: {سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ} [المعارج:١]. (٢) قال: ذهب إلى هذا أهل التّفسير والمعاني. وقال (٣) ابن عرفة: إنّما يقول: عبد يعبد، فهو عبد، وقلّ ما يقال:

عابد، والتّقدير: عبده إن كان في أوهامكم وآرائكم للرحمن ولد، فأنا أول عابد لله بالتوحيد الخالص. (٤) وقيل: التّقدير: لو كان يجوز أن يكون للرحمن ولد، لكنت أول عابد لذلك الولد. (٥)

وقد ذكرنا قضية لفظ أو، ولو كان هذا تقدير الآية فهي قريبة من قوله: {لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا} [الأنبياء:١٧]، {لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ} [الزمر:٤]، وإنّما يكون مثل هذا الكلام للتّنبيه على غاية الاستحالة.


(١) الأصول المخطوطة: ولدا. والتصويب من كتب التخريج.
(٢) تفسير الثعلبي ٤/ ٣٥١.
(٣) ك: فقال.
(٤) ينظر: وضح البرهان في مشكلات القرآن ٢/ ٢٨٥، والغريبين ٤/ ١٢١٨.
(٥) ينظر: المحرر الوجيز ١٣/ ٢٥٤، وتفسير القرطبي ١٦/ ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>