للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أمركم، فلمّا أتاهم سهيل ذاكرهم الهديّة والمواعدة، فاطمأنّ النّبيّ عليه السّلام، وانطلق أناس من المسلمين إلى عشائرهم بمكة، فحبسوهم عندهم بمكة، فلمّا كان من أوسط النّهار، والقوم في الرّحال، أمر النّبيّ عليه السّلام بأخذ البيعة، فنادى منادي رسول الله عليه السّلام في القوم ألا إنّ روح القدس جبريل عليه السّلام منزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأمره بأخذ البيعة، فأتوا رسول الله فبايعوه، وكبرت تلك البيعة في صدور المشركين، وعهد أناس من المسلمين كانوا ببطن النّخلة، فأتوا عصابة من المشركين ووجدوهم جلوسا، فأخذوهم حتى أتوهم الرّحال رهائن من أصحابهم الذين في أيدي المشركين، فأمسوا وهم على ذلك، فرمى رجل من المشركين من تحت اللّيل في أصحاب رسول الله، فثار المسلمون عليهم بالحجارة، فرموا أعداء الله بها حتى أدخلوهم البيوت، وهزموهم بإذن الله، فأقبل أشرافهم إلى النّبيّ عليه السّلام فقالوا: يا محمد، لم يكن من رضى منّا، وإنّما فعله سفهاؤنا، وعرضوا الصّلح عليه، فقبله بعد، قهر المسلمون المشركين بالحجارة، فأرسل كلّ واحد من الفريقين من كان في أيديهم، (٢٩٧ و) وكتبوا القضيّة بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان (١) سهيل (٢) بن عمرو أمير المشركين على قضيّتهم، وكتبوا: إنّا نتوادع سنتين، بعضنا لبعض آمن، فمن لحق بالنّبيّ عليه السّلام لم يقبله حتى تنقضي المدّة، ومن لحق بالمشركين من أصحابه فهو منهم، وإنّكم لتسوقون الهدي، فإذا حبسناه نحرتموه، ليس لكم أن تجاوزوا موضعا نحبسه، وإنّكم إن شئتم اعتمرتم عاما قابلا في هذا الشّهر الذي حبسناكم فيه، ولا تحملوا (٣) بأرضنا سلاحا إلا سلاحا في قراب، وهو القوس والسّيف، فأجابهم النّبيّ إلى ذلك، ووجد رجال من المسلمين من ذلك الشّرط وجدا شديدا، فقال النّبيّ عليه السّلام: أمّا من لحق بهم فأبعده الله، فهم أولى بمن (٤) كفر، وأمّا من أراد أن يلحق بنا منهم فسيجعل الله [له] (٥) مخرجا، وكان الكاتب عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، فكان قد كتب في أوّل الصّحيفة: هذا ما قضى عليه رسول الله، فأبت قريش ذلك وقالوا: إن علمنا أنّك رسول الله لم نمنعك عن بيت الله، بل أنت محمد بن عبد الله، فقال رسول الله: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله (٦)، فاكتب، يا عليّ، محمد بن عبد الله، وامح ما كتبت، فعظم (٧) على عليّ رضي الله عنه أن يمحو


(١) ك: فكان.
(٢) ع: سهل.
(٣) الأصول المخطوطة: تحملوه.
(٤) ك: من.
(٥) زيادة يقتضيها السياق.
(٦) ع: المطلب.
(٧) ع: عظم ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>