للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسم رسول الله، فمحاه النّبيّ عليه السّلام بيده، فلمّا فرغوا من كتاب الموادعة، وختموا عليه أقبل أبو جندل بن سهيل (١) وهو يرسف في قيوده كان قد أسلم وقيّده أبوه، فقال: إنّي مسلم، وإنّي أعوذ بالله أن ترجعوني إلى الكفّار، فتحرّك عند ذلك رجال من المسلمين، وكاد يكون شر، فقال النّبيّ عليه السّلام: خلّوا بينه وبينهم، فإن يعلم الله من أبي جندل الصّدق يجعل له مخرجا، فانطلق به أبوه، وساق النّبيّ عليه السّلام وأصحابه الهدي حتى قال المشركون جلب الهدي، ونحر عند ذلك، وحلق النّبيّ عليه السّلام رأسه، وحلّ من إحرامه، وعهد (٢) أناس من أصحابه فقصروا، أو كرهوا أن يحلقوا، ولم يطوفوا بالبيت، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخرج رأسه من القبّة قد حلقه، فقال: اغفر اللهمّ (٣) للمحلّقين، فقيل: يا رسول الله، وللمقصّرين، فقال: اللهمّ اغفر للمحلّقين، فقيل: يا رسول الله، وللمقصّرين، فقال: اللهمّ اغفر للمحلّقين، ثمّ استغفر للمقصّرين بعد ثلاث مرّات، فلبث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة الحديبية شهرا ونصف، فوعدهم خيبر أن يفتحها لهم، ثمّ رجع النّبيّ عليه السّلام إلى المدينة، ونزل عليه القرآن: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح:١٨]. (٤)

وعن جابر في هذه الآية قال: بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أن لا نفرّ، ولم نبايعه على الموت. (٥)

وعن يزيد بن أبي عبيدة قال: قلت لسلمة بن الأكوع: على أيّ شيء بايعتم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الحديبية؟ قال: على الموت. (٦) وعن ابن عمر قال: كنّا نبايع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على السّمع والطّاعة (٢٩٧ ظ) في العسر واليسر والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر (٧) أهله، وأن نقوم بالحقّ حيث ما كنّا، وأن لا نخاف في الله لومة لائم، يقول (٨) النّبيّ عليه السّلام: فيما استطعتم. (٩)

ثمّ إنّ الله تعالى جعل لأبي جندل بن سهيل مخرجا، فهرب من قومه، ولم يأت رسول الله


(١) ع: سهل.
(٢) أ: وعد.
(٣) غير موجودة في أ.
(٤) تنظر قصة الحديبية بألفاظ مقاربة من هذا النص في مسند أحمد بن حنبل ٤/ ٣٢٨ - ٣٣٠، وصحيح البخاري (٢٧٣١ و ٢٧٣٢) والسنن الكبرى للبيهقي ٩/ ٢١٩، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم.
(٥) أخرجه مسلم في الصحيح (١٨٥٦)، والترمذي في السنن (١٥٩١)، والنسائي في الصغرى ٧/ ١٤٠.
(٦) أخرجه البخاري في الصحيح (٤١٧٠)، ومسلم في الصحيح (١٨٦٠)، والنسائي في الصغرى ٧/ ١٤١.
(٧) الأصول المخطوطة: الأمير، والصواب ما أثبت.
(٨) ك: ثم يقول.
(٩) أخرجه مسلم في الصحيح (١٨٦٧)، والترمذي (١٥٩٣)، والنسائي في الكبرى (٧٨١٠)، بلفظ مختصر، أما بهذا النص فهو حديث أخرجه البخاري في الصحيح (٧١٩٩ و ٧٢٠٠)، ومسلم في الصحيح (١٧٠٩) وغيرهما عن عبادة بن الصامت رضي الله عنهم، من غير لفظ: «فيما استطعتم».

<<  <  ج: ص:  >  >>