للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٦ - {كَيْفَ:} استفهام بمعنى البيان لموضع التّعجّب (١). وقيل: استفهام بمعنى الإنكار والإحالة؛ لأنّ اجتماع حالتي الكفر والإسلام محال (٢).

{وَاللهُ لا يَهْدِي:} هداية التّوفيق حالة إصرارهم وعتوّهم، ولكن إذا شاء هدايتهم سبّب أسبابا يتّضح بها فساد ما هم فيه فيندمون، ثمّ يلهمهم ويهديهم إلى معرفته (٣).

٨٩ - {إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا:} التّائب الذي استثناه من جملة العشرة هو الحرث بن سويد بن الصامت (٤)، وهي عامّة في كلّ تائب (٥).

٩٠ - {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ:} قيل: لمّا بلغ أصحاب الحارث خبره (٦) قالوا:

نقيم بمكّة ونتربّص محمّدا ريب المنون فإن بدا لنا (٧) أن نرجع إلى قومنا أيقنّا بقوله كما فعل الحارث، فأنزل الله الآية (٨). وإنّما نفى قبول توبتهم؛ لأنّهم قصدوا توبة على تردّد ونفاق (٩).

و (ازديادهم الكفر): جهلهم وظنّهم أنّهم قادرون على التّوبة خداعا، فالكفر يتزايد بتزايد الاعتقاد الفاسد، والإيمان يتزايد بتزايد الاعتقاد (١٠) الصحيح في الآيات الناسخة، ولمّا كمل الدّين صار النّقصان في أصل الإيمان وحقيقته كفرا من جميع الوجوه على أيّ تأويل؛ لأنّ تزايد الاعتقاد بعد انقطاع محال (١١).

٩١ - وفي قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا} دلالة أنّ التّوبة مقبولة قبل الموت، والتي نفى قبولها هي توبة على نفاق وتردّد، أو توبة عند معاينة البأس وانقطاع الأحكام الدنياويّة (١٢).

(إنّ الذين): في معنى الشرط، ويشبه (من) لإبهامه ولذلك أجاب بالفاء (١٣).

و {مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً:} على سبيل التقدير والتفخيم دون التحقيق، وإنّما خص ذلك؛ لأنّه (٦٩ ظ) ممّا يتعاظمه الناس في معاملاتهم وعاداتهم (١٤) ومبادلاتهم.


(١) ينظر: المجيد ١٤٢ (تحقيق: د. عطية أحمد)، والبحر المحيط ٢/ ٥٤١.
(٢) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ٢/ ٥٢٢، والوجيز ١/ ٢٢٢، ومجمع البيان ٢/ ٣٣٨.
(٣) ينظر: تفسير القرآن الكريم ٢/ ١٠٣ - ١٠٤، وتفسير الخازن ١/ ٢٦٦.
(٤) ينظر: تفسير القرآن ١/ ١٢٥، وتفسير الطبري ٣/ ٤٦٠ - ٤٦١، ومعاني القرآن الكريم ١/ ٤٣٣.
(٥) ينظر: تفسير الطبري ٣/ ٤٦٢، والقرطبي ٤/ ١٣٠.
(٦) في ب: فأخبر.
(٧) في ك وع: بدلنا، بدل (بدا لنا).
(٨) ينظر: تفسير القرآن الكريم ٢/ ١٠٥ - ١٠٦، وتفسير البغوي ١/ ٣٢٤، ومجمع البيان ٢/ ٣٤٠.
(٩) ينظر: معاني القرآن الكريم ١/ ٤٣٥ - ٤٣٦، والتبيان في تفسير القرآن ٢/ ٥٢٧، وتفسير البغوي ١/ ٣٢٤.
(١٠) (والإيمان يتزايد بتزايد الاعتقاد) ساقطة من ك.
(١١) في ك: مجاهل.
(١٢) ينظر: التفسير الكبير ٨/ ١٣١.
(١٣) ينظر: الكشاف ١/ ٣٨٢، والتفسير الكبير ٨/ ١٣٢.
(١٤) ساقطة من ك. وينظر: التفسير الكبير ٨/ ١٣٢ - ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>