للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان صلّى الله عليه وسلّم يقول يومئذ لسعد: ارم فداك أبي وأمّي (١). وأصيبت عين قتادة بن النّعمان حتى وقعت [على] (٢) وجنتيه فردّها رسول الله إلى مكانها فعادت كأحسن ما كانت (٣).

ولمّا انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تبعه أبيّ بن (٤) خلف يقول: لا نجوت إن نجوت، فقال بعض:

ألا يعطف عليه رجل؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: دعوه، حتى إذا دنا تناول حربة من الحارث بن الصمة، ثمّ عطف عليه وأشار بها إلى عنقه، فخدش خدشة وتدهدى (٥) عن فرسه يقول: قتلني محمّد، وأحاطت به قريش تقول: ما بك (٦) بأس، وهو يقول: بلى فإنّ محمّدا كان توعّدني أن يقتلني فلو بزق عليّ بعد مقالته (٧٥ ظ) تلك لقتلني (٧)، فكان كما قال ولم يبلغ مكّة.

ولمّا انتهى رسول الله [إلى] (٨) فم الشّعب استقبلته فاطمة معها قربة من ماء وغسلت الدّم عن وجهه، ثمّ جيء بعليّ وعليه نيّف وستّون (٩) جراحة من طعنة ورمية وضربة، فجعل رسول الله يمسحها بإذن الله، فتلتئم بإذن الله كأن لم تكن.

وجيء بحمزة وسائر الشّهداء فصلّى عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى كبّر سبعين تكبيرة، فلمّا فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من صلاته مال نساء المدينة يبكون لموتاهنّ، فقال (١٠): أمّا حمزة لا بواكي له، فبكى (١١) نساء المدينة حمزة أوّلا ثمّ بكين قتلاهنّ، وصار (١٢) ذلك عادة لهنّ إلى يومنا هذا.

(مداولة الأيّام): صرفها وإدارتها (١٣).

{وَلِيَعْلَمَ:} عطف على المعنى، وكأنّه قال: إن يمسسكم قرح فلأنّه مسّ القوم قرح مثله وليعلم. وقيل: فيه إضمار، وتقديره: نداولها بين النّاس لضروب من المصلحة وليعلم الله (١٤).

وقيل: أوّل القصّة: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ} إلى قوله: {لِيَبْتَلِيَكُمْ} [آل عمران:١٥٢]، (وليعلم): عطف عليه.


(١) ينظر: تفسير القرآن الكريم ٢/ ١٦٥، وتفسير البغوي ١/ ٣٥٧، وروح المعاني ٤/ ٧٢.
(٢) يقتضيها السياق.
(٣) ينظر: تفسير البغوي ١/ ٣٥٨، وروح المعاني ٤/ ٧٢.
(٤) في ك: ابن أبي، بدل (أبي بن).
(٥) مكانها في ك وع: قد هرا، وهو تحريف. وتدهدى: تدحرج، ينظر: لسان العرب ١٣/ ٤٨٩ (دهده).
(٦) النسخ الثلاث: بابك، وبعدها في ك وع: بأمر، بدل (بأس)، وكلاهما تحريف.
(٧) في ب: ليقتلني. وينظر: تفسير القرآن الكريم ٢/ ١٦٨ - ١٦٩، وتفسير البغوي ١/ ٣٥٨، وروح المعاني ٤/ ٧٢.
(٨) يقتضيها السياق. وبعدها في ب: أقم، بدل (فم).
(٩) في ب: وستين، وهو خطأ.
(١٠) في الأصل وع وب: قال.
(١١) مكررة في ب.
(١٢) في ك وب: وصاروا. وينظر: مجمع الزوائد ٦/ ١٢٠.
(١٣) ينظر: الكشاف ١/ ٤١٩، ومجمع البيان ٢/ ٣٩٩.
(١٤) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ٢/ ٦٠٢، والكشاف ١/ ٤٢٠، والتفسير الكبير ٩/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>