للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل (١): غمّكم مكان ما غممتم نبيّه لترك إجابته.

{لِكَيْلا:} أي: إنّما أثابكم غمّا لئلا {تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ} من الغنائم {وَلا ما أَصابَكُمْ} من العناء والمشقّة والجراح (٢)، قيل: هذا الغمّ الثاني (٣) الذي أنساكم الغمّ الأوّل مخافة الاستئصال.

و (الغمّ): حزن كأنّه يغشى القلب ويستره لما يشغله عن كلّ شيء (٤).

١٥٤ - {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ:} والقصّة أنّ أبا سفيان لمّا وعدهم الرّجوع تهيّأ المسلمون للقتال، وطارت قلوب المنافقين، فأنزل الله {أَمَنَةً} على المسلمين حتى غشيهم النّعاس وامتازوا عن المنافقين (٥). وذلك أدلّ دليل على وفور الأمن وزوال الخوف، ولذلك قال صلّى الله عليه وسلّم:

(النّعاس في الحرب من الرّحمن وفي الصلاة من الشّيطان) (٦). روى أنس عن أبي طلحة قال:

أغشانا (٧) النّعاس يوم أحد ونحن في مصافّنا (٨).

{أَهَمَّتْهُمْ:} شغلتهم {أَنْفُسُهُمْ} عن كلّ شيء حتى لم يهتمّوا إلا لأنفسهم (٩).

و {غَيْرَ الْحَقِّ:} هو الباطل {ظَنَّ} أهل {الْجاهِلِيَّةِ} (١٠).

ثمّ بيّن ظنّهم فقال (١١): {يَقُولُونَ،} أي: في أنفسهم {هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ (١٢)} شَيْءٍ:

على وجه الإنكار، أي: ما لنا من الخير والظّفر والفلاح من شيء في متابعة هذا الرجل وفي هذه الحروب (١٣).

وقوله: {لَوْ كانَ:} استدلالهم الفاسد واعتبارهم الباطل، فبيّن الله تعالى أنّ المعلوم المقدّر كائن لا محالة (١٤)، وذلك وحده لا يدلّ على حقّ وباطل إذ هو علم في جميع الحيوان.


(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ١/ ٤٧٩، ومعاني القرآن الكريم ١/ ٤٩٦، وتفسير البغوي ١/ ٣٦٣.
(٢) ينظر: تفسير الطبري ٤/ ١٨٥، ومعاني القرآن وإعرابه ١/ ٤٧٩، ومعاني القرآن الكريم ١/ ٤٩٧.
(٣) ساقطة من ك.
(٤) ينظر: تفسير القرطبي ٤/ ٢٤٠.
(٥) ينظر: تفسير الطبري ٤/ ١٨٧، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٢٣، والبحر المحيط ٣/ ٩٢.
(٦) ينظر: مصنف عبد الرزاق ٢/ ٤٩٩، ومصنف ابن أبي شيبة ٤/ ٢١١، ومجمع الزوائد ٦/ ٣٢٨.
(٧) في ب: غشينا.
(٨) ينظر: مسند أحمد ٤/ ٢٩، وسنن الترمذي ٥/ ٢٢٩، وتفسير البغوي ١/ ٣٦٣. والمصافّ: جمع مصفّ وهو الموقف في الحرب، ينظر: تحفة الأحوذي ٨/ ٢٨٥.
(٩) ينظر: تفسير الطبري ٤/ ١٨٩، ومجمع البيان ٢/ ٤٢١، والتفسير الكبير ٩/ ٤٥ - ٤٦.
(١٠) ينظر: تفسير الطبري ٤/ ١٩٠، والبغوي ١/ ٣٦٤، والكشاف ١/ ٤٢٨.
(١١) في الأصل وع وب: فقالوا.
(١٢) ليس في ب.
(١٣) ينظر: تفسير البغوي ١/ ٣٦٤، ومجمع البيان ٢/ ٤٢١، وزاد المسير ٢/ ٤٣ - ٤٤.
(١٤) ينظر: التفسير الكبير ٩/ ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>