للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يكون بعضها أسفل إلا وبعضها أعلى، فالأعلى درجة بمقابلة الأسفل (١).

١٦٤ - {لَقَدْ مَنَّ اللهُ:} اتّصالها بما قبلها من حيث ذكر المنن في قوله: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ} [آل عمران:١٥٩] (٢). ووجه المنّة ههنا أنّه لو كان من غير العرب لمنعتهم النّخوة العربيّة عن الإيمان به، ولما فهموا كلامه، ولا نالوا به شرفا ومجدا، فأرسل إليهم {رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} عرفوه وامتحنوه وسمّوه أمينا قبل دعوته ليزيدهم أسباب الإيمان. وإن أجرينا على العموم فهو من أنفسنا؛ لأنّه آدميّ مثلنا من ذرّيّة نوح تمكننا متابعته في هديه وسمته، ولا تنفر عنه طباعنا (٣).

{وَإِنْ كانُوا:} ما كانوا إلا في ضلالة (٤)، كقوله: {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ} [الشّعراء:١٨٦]، واللام مكان الاستثناء (٥). وقيل: المبالغة، أي: يرشدهم وإن كانوا غير راشدين، لنوع تأكيد.

١٦٥ - {أَوَلَمّا:} استفهام بمعنى الإنكار (٦). وهو داخل على الفعل العامل في (لمّا)، أعني قوله: {قُلْتُمْ،} والواو للعطف على مضمر، فكأنّه قال: أعصيتم أمر نبيّكم وقلتم (٧).

{قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها:} عارض، وهو كالوصف لهذه المصيبة المذكورة (٨).

والمراد ب‍ {مِثْلَيْها} ما أصابوا يوم بدر ووجه النّهار (٩) من يوم أحد إلى أن صرفهم الله عنهم بما كسبوا (١٠).

{قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ:} قال الكلبيّ (١١): هو من عند أنفسهم بتركهم المركز. وعن قتادة بخروجهم من (١٢) المدينة، وكان من رأيه صلّى الله عليه وسلّم أن يتحصّن بالمدينة، وبذلك عبر رؤياه، وأشار


(١) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ٣/ ٣٧، ومجمع البيان ٢/ ٤٣٤، وتفسير القرطبي ٤/ ٢٦٣.
(٢) ينظر: البحر المحيط ٣/ ١٠٨.
(٣) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ١/ ٤٨٧، وتفسير القرآن الكريم ٢/ ١٩٧ - ١٩٨، ومجمع البيان ٢/ ٤٣٥.
(٤) في ب: ضلال.
(٥) ينظر: تفسير القرطبي ٤/ ٢٦٤، والمجيد ٢٣٨ (تحقيق: د. عطية أحمد)، والبحر المحيط ٣/ ١١٠.
(٦) ينظر: المجيد ٢٣٩ (تحقيق: د. عطية أحمد)، البحر المحيط ٣/ ١١١، والدر المصون ٣/ ٤٧٣.
(٧) ينظر: الكشاف ١/ ٤٣٦، والمجيد ٢٣٩ (تحقيق: د. عطية أحمد)، والبحر المحيط ٣/ ١١١.
(٨) ينظر: التبيان في إعراب القرآن ١/ ٣٠٧.
(٩) في ك: النار.
(١٠) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ١/ ٤٨٨، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٤٠، والتفسير الكبير ٩/ ٨١.
(١١) (قل هو. . . الكلبي) مكررة في ك. وينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٢٤٦، وتفسير القرآن الكريم ٢/ ١٩٩، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٤١.
(١٢) ساقطة من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>