للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نطوف في ثوب عصينا الله فيه، فالغنيّ منهم قد أعدّ لطوافه ثوبا، والمتوسّط كان يكتري، والفقير كان يطوف عريانا، وربّما لا يكرون للمرأة الحسناء ثوبا (١) لتطوف عريانة فينظروا إلى عورتها، حتى طافت واحدة وقالت (٢): [من الرّجز]

البدن (٣) ... يبدو بعضه أو كلّه

فما بدا منه فلا أحلّه

فبيّن الله أنّه من تسويل الشّيطان، وأنّه فاحشة كحكم البحيرة والسّائبة، فأمر بستر العورة واستحلال لحوم حرّموها واستباحة ألبان حظروا عنها، ونهى عن مجاوزة الحدّ المعتاد في الأكل والشّرب واللبس حتى يصير شهرة في النّاس.

٣٢ - {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ:} ما كانت الكفّار يحرّمونه على أنفسهم ممّا (٤) سبق ذكره، وكانت الحمس (٥) إذا أحرمت لم تتدسم بلحم ولا سمن ولا أقط، فنفى الله تعالى أن يكون ذلك حكمه (٦).

٣٣ - {قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ:} أحكامهم وشرائعهم المبتدعة (٧).

{وَالْإِثْمَ:} ما اعترفوا بأنّه منكر (٨)، وقيل (٩): هو الخمر، قال الشّاعر (١٠): [من الوافر]

شربت الإثم حتى ضلّ عقلي ... كذاك (١١) الإثم يذهب بالعقول

{وَالْبَغْيَ:} استطالة بعضهم على بعض (١٢). ولم يدخل في جملة الفواحش؛ لأنّهم لم يكونوا يستبيحونه، ولم يدخل في الإثم؛ لأنّهم (١٣) كانوا يفتخرون به ولا يقطعون الحكم بأنّه منكر. وقيل (١٤): الإثم والبغي (١٥) دخلا في الفواحش، وإنّما خصّهما لتعظيم شأنهما.


(١) (والمتوسط. . . ثوبا) ساقطة من ب، وبعدها: فتطوف، بدل (لتطوف).
(٢) عزي إلى بنت الأصهب الخثعمية في المنمق في أخبار قريش ١٢٩، وعزي إلى ضباعة بنت عامر بن قرط في تفسير القرطبي ٧/ ١٨٩، والإصابة ٨/ ٢٢٢.
(٣) كذا في النسخ الأربع، وفي المصادر: اليوم، وهو الصواب.
(٤) في ب: ما.
(٥) في الأصل وع: الخمس. والحمس: قريش وكنانة وخزاعة وثقيف وخثعم وبنو عامر بن صعصعة وبنو النضر بن معاوية، سمّوا حمسا لشدّتهم في دينهم، ينظر: أسباب نزول الآيات ٣٣.
(٦) ينظر: تفسير البغوي ٢/ ١٥٧.
(٧) ينظر: تفسير الطبري ٨/ ٢١٨.
(٨) ينظر: زاد المسير ٣/ ١٣٠.
(٩) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ٤/ ٣٩٠، وتفسير البغوي ٢/ ١٥٨، والكشاف ٢/ ١٠١.
(١٠) بلا عزو في التبيان في تفسير القرآن ٤/ ٣٩٠، وتفسير البغوي ٢/ ١٥٨، وزاد المسير ٣/ ١٣٠.
(١١) في الأصل وع: كذلك، واللام مقحمة.
(١٢) ينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٣٧٨، وتفسير الطبري ٨/ ٢١٩، وإعراب القرآن ٢/ ١٢٣.
(١٣) (لم يكونوا. . . لأنهم) ساقطة من ب.
(١٤) ينظر: التفسير الكبير ١٤/ ٦٦، وتفسير القرطبي ٧/ ٢٠١.
(١٥) النسخ الأربع: والفواحش، والسياق يقتضي ما أثبت، وبعدها: (دخلا في الفواحش) مكررة في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>