للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللام لام الغرض، كقوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها،} الآية [مريم:٧١]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم:

(ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) (١)، يدلّ عليه أنّ الله تعالى كان عند ذرء الشّقيّ عالما بمصيره لا محالة فلو لم يشأ مصيره لما ذرأه، ألا ترى أنّ الحكيم لا يغشى النّساء إذا لم يرد النّسل، ولم يتمتّع بالشّهوات إذا لم يرد السّمن.

وقوله: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} (٥٦) [الذّاريات:٥٦] ليس بمناقض لهذه الآية؛ لأنّ العبادة ليست بمضادّة {لِجَهَنَّمَ،} ولاحتماله أوجها سبعة: أحدها: التّسخير لقوله: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ،} الآية [الرّعد:١٥]، والثّاني: إظهار الخضوع لا القيام بالأوامر، والثّالث: العبوديّة وهي الكينونة لا العبادة، والرّابع: حالة الطّفولة قد خلقوا على الفطرة، والخامس: الاقتضاء والاستحقاق كقول الوالدة لولدها: ما ولدتك إلاّ لتكبر فتحسن إليّ، والسّادس: العموم بمعنى الخصوص فيصرف إلى أهل السّعادة، والسّابع:

كون اللام في قوله: {لِيَعْبُدُونِ} لام العاقبة والمآل وذلك عند معاينة البأس. فلو كان يحتمل معنى واحدا لا يصحّ دعوى التّناقض، كيف وقد احتمل الأوجه.

١٨٠ - {وَلِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى:} اتّصالها بما قبلها من حيث ذكر الكفّار وهم ملحدون (٢).

(الأسماء): التّسميات التي يكلّم (٣) الله بها. و (الحسنى): (١٢٨ و) تأنيث الأحسن (٤).

{الَّذِينَ (٥)} يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ: الذين اشتقّوا لأصنامهم أسماء من أسماء الله عزّ وجلّ، كاللاّت من الله، والعزّى من العزيز (٦)، والذين أنكروا إطلاق تسميتين على مسمّى واحد فقالوا: {وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا} [الفرقان:٦٠]. ويدخل في جملة هؤلاء الذين قالوا: أسماء الله مخلوقة، والذين أطلقوا على الله اسم الجسم (٧)، والذين فرّقوا بين الأسماء المشتقّة من صفات (٨) الذّات وبين الأسماء المشتقّة من صفات الفعل.

١٨١ - {أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ:} هم أهل السّنّة والجماعة. وتفسير السّنّة أن يسلكوا


(١) سنن أبي داود ٤/ ٣١٩، والسنن الكبرى للنسائي ٦/ ٦، والعلل المتناهية ٢/ ٨٣٧.
(٢) ينظر: البحر المحيط ٤/ ٤٢٦.
(٣) في ب: تكلم. وينظر: تفسير القرطبي ٧/ ٣٢٦.
(٤) ينظر: تفسير البغوي ٢/ ٢١٧، وزاد المسير ٣/ ١٩٨، وتفسير القرطبي ٧/ ٣٢٧.
(٥) ليس في ك.
(٦) ينظر: تفسير الطبري ٩/ ١٧٨، والوجيز ١/ ٤٢٣، والكشاف ٢/ ١٨١.
(٧) في ب: الجنس.
(٨) في ب: صفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>