للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق السّلف في كراهة الكلام والجدال في الدّين، والتّعسّف (١) في تأويل متشابهات كلام ربّ العالمين وحديث رسوله خاتم النّبيّين، وأن (٢) يجتهدوا في الفروع بالبحث (٣) عن النّاسخ والمنسوخ، والظّاهر القريب والخفيّ البعيد، وأن يميزوا الصّحيح من السّقيم، والمتواتر من الآحاد، والمتعارف المعتاد بين النّاس من النّادر والشّادّ، وأن يتحرّوا الأشبه فالأشبه، ويجتنبوا إهمال الحوادث كما يجتنبون مخالفة الأصول الشّرعيّة وتفسير الجماعة، والالتجاء (٤) إلى الكلمة السّواء عند اقتتال المقتتلين.

وهذه (٥) الآية حجّة في صحّة الإجماع (٦)؛ لأنّ الله تعالى زكّاهم وعدلهم في أحكامهم.

١٨٢ - {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا:} أنكروها سرّا وجهرا، أو أنكروها سرّا مع الإقرار بها جهرا، وأنكروا ظاهرها المعروف أو تفسيرها المجمع عليه أو سرّها المكتوم لتعسّف في التّأويل من غير حجّة ودليل.

{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ:} قال الخليل (٧): «سنطوي عمرهم في اغترار منهم»، وقال الضّحّاك:

كلّما جدّدوا (٨) معصية جدّدنا لهم نعمة، وقال القتبيّ: هو أن يدنيهم (٩) من بأسه قليلا قليلا.

واستدراج الشّيء: تحصيله على المهلة والتّدريج (١٠).

١٨٣ - {كَيْدِي:} مكري (١١)، {مَتِينٌ:} قويّ شديد وثيق (١٢).

١٨٤ - {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا:} قيل: صعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة (١٣) الصّفا فلم يزل يدعو قريشا فخذا فخذا حتى أصبح، فقال أناس منهم: أصبح الرّجل مجنونا، فأنزل الله (١٤).

والمراد بالاستفهام أحد شيئين: إمّا الحثّ والإغراء، وإمّا التّقرير والإثبات، أي: تفكّروا


(١) مكررة في الأصل وع.
(٢) النسخ الثلاث: فأن.
(٣) ساقطة من ك.
(٤) في الأصل وع وب: الالتجاء، والواو ساقطة.
(٥) مكانها في ب: وفي هذه.
(٦) في ب: الاجتماع.
(٧) زاد المسير ٣/ ٢٠٠، والبحر المحيط ٤/ ٤٢٨.
(٨) في الأصل وب: جردوا، وبعدها في ب: جردنا، بدل (جددنا). وقول الضحاك في تفسير البغوي ٢/ ٢١٨، ومجمع البيان ٤/ ٤٠٢، وزاد المسير ٣/ ٢٠٠.
(٩) في ك: يدنيه. وقول القتبي في زاد المسير ٢/ ٢٠٠، والبحر المحيط ٤/ ٤٢٨.
(١٠) ينظر: تفسير البغوي ٢/ ٢١٨.
(١١) ينظر: تفسير الطبري ٩/ ١٨١، ومجمل اللغة ٤/ ٢٠٧، والوجيز ١/ ٤٢٣.
(١٢) ينظر: غريب القرآن وتفسيره ١٥٤، وتفسير غريب القرآن ١٧٥، وتلخيص البيان ٥٢.
(١٣) بعدها في ك: إلى، وهي مقحمة.
(١٤) ينظر: تفسير الطبري ٩/ ١٨٢، والبغوي ٢/ ٢١٩، والكشاف ٢/ ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>