للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٩

و١٩٠ - ظاهر قوله: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ} ينبئ أنّه (١) آدم عليه السّلام، و {زَوْجَها:} حوّاء (٢)، هكذا ذكر الكلبيّ وغيره، قالوا: لمّا حبلت حوّاء جاءها إبليس متصوّرا بصورة مجهولة متسمّيّا بالحارث، وأوهمها أنّها تلد بهيمة، أو تلد من فيها أو منخريها، أو تلد ولدا لا يعيش، فذكرت ذلك لآدم فأشفقا من ذلك، و {دَعَوَا اللهَ} سبحانه وتعالى، وزعم إبليس أنّه عبد صالح مجاب الدّعوة، ومنّاهما أنّهما إن سمّيا الولد باسمه ووهباه منه دعا الله لهما (٣)، فشرطا له ذلك، وولدت حوّاء غلاما صالحا فسمّياه عبد الحارث (٤) كما يقول الصّديق للصّديق: ولدي هذا عبدك، على وجه الإكرام، ولم يعلما مراد إبليس من ذلك ولا عرفاه، فأعظم الله تعالى شأن تلك التّسمية، وأعظم الإنكار عليهما لمكان (٥) نبوّة آدم عليه السّلام ورفعة رتبته، ولعلمه سبحانه وتعالى بإبليس وبما يريد من تأسيس قاعدة الشّرك والإفك.

وليس يبعد (٦) هذه الزّلّة والأكل من الشّجرة في حالة واحدة بغرور واحد لما يروى (٧) أنّ قابيل ولد في الجنّة، ويدلّ عليه ضمير الجمع في قوله: {اِهْبِطُوا} [البقرة:٣٦]، والولادة تتصوّر في الجنّة كما يتصوّر (٨) خلق حوّاء فيها من ضلع آدم.

وقيل (٩): قوله: {صالِحاً} يرجع إلى الجنس، و {جَعَلا:} يرجع إلى التّوأمين فإنّ حوّاء كانت تلد في كلّ بطن توأمين ذكرا وأنثى، فهما اللذان (١٠) جعلا له شركاء لا آدم (١١) وحوّاء.

وقيل (١٢): {(جَعَلا)} يرجع إلى جنس الذّكر وجنس الأنثى من جملة الأولاد والذّرّيّة لقوله تعالى: {فَتَعالَى اللهُ عَمّا يُشْرِكُونَ.}

وقيل (١٣): الإشراك فعل الذّرّيّة وإنّما أسند إلى الأبوين مجازا.


(١) ساقطة من ك، وفي ع: أن، والهاء ساقطة.
(٢) ينظر: تفسير الطبري ٩/ ١٩٠ - ١٩١، ومعاني القرآن الكريم ٣/ ١١٣، والتبيان في تفسير القرآن ٥/ ٥٢.
(٣) النسخ الثلاث: بهما.
(٤) ينظر: تفسير الطبري ٩/ ١٩٣، والحجة في القراءات السبع ١٦٨، وتفسير البغوي ٢/ ٢٢١.
(٥) في ع: بمكان.
(٦) في ب: بتعد.
(٧) في ب: يرى، والواو ساقطة.
(٨) في الأصل وك وب: تصور.
(٩) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ٥/ ٥٣ - ٥٤، ومجمع البيان ٤/ ٤٠٩، وزاد المسير ٣/ ٢٠٦.
(١٠) في ب: للذين.
(١١) في ك: كآدم، وفي ع وب: لآدم، بدل (لا آدم).
(١٢) ينظر: معاني القرآن الكريم ٣/ ١١٦، والتبيان في تفسير القرآن ٥/ ٥٢ - ٥٣، ومجمع البيان ٤/ ٤٠٩.
(١٣) ينظر: تفسير البغوي ٢/ ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>