للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تبشير التوراة والإنجيل بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصفاته وعلاماته فقد بين القرآن الكريم ذلك بقوله تعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (١).

قال ابن تيمية: "والأخبار بمعرفة أهل الكتاب بصفة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم في الكتب المتقدمة متواترة عنهم" (٢).

ثم قال: "ثم العلم بأن الأنبياء قبله بَشَّروا به يُعلم من وجوه: أحدهما: ما في الكتب الموجودة اليوم بأيدي أهل الكتاب.

الثاني: إخبار من وقف على تلك الكتب ممن أسلم وممن لم يسلم بما وجدوه من ذكره بها. وهذا مثل ما تواتر عن الأنصار أن جيرانهم من أهل الكتاب كانوا يخبرون بمبعثه وأنه رسول الله وأنه موجود عندهم، وكانوا ينتظرونه، وكان هذا من أعظم ما دعا الأنصار إلى الإيمان به لما دعاهم إلى الإسلام حتى آمن الأنصار به وبايعوه.

وقد أخبر الله بذلك عن أهل الكتاب في القرآن قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} (٣).

ومثل ما تواتر عن إخبار النصارى بوجوده في كتبهم مثل إخبار هرقل ملك الروم والمقوقس ملك مصر والنجاشي ملك الحبشة.

والوجه الثالث: نفس إخباره بذلك في القرآن مرة بعد مرة، واستشهاده بأهل الكتاب، وإخباره بأنه مذكور في كتبهم مما يدل العاقل على أنه كان موجوداً


(١) الأعراف ١٥٧.
(٢) ابن تيمية: الجواب الصحيح ١/ ٣٤٠.
(٣) البقرة ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>