للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كتبهم .. فلو لم يعلم صلى الله عليه وسلم أنه مكتوب عندهم بل علم انتفاء ذلك لامتنع أن يخبر بذلك بمرة بعد مرة، ويظهر ذلك لموافقيه ومخالفيه وأوليائه وأعدائه (١).

ومن الثابت تأريخياً أن أهل الكتاب كانوا يستفتحون أي يطلبون من الله النصر على أعدائهم بالنبي المبعوث الذي يجدون صفته عندهم في التوراة.

وقد نصت التوراة المتداولة (ط. رجارد واطس. بلندن) على ظهور النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ونصها (جاء الرب من سيناء وأشرق لنا من ساعير استعلن من جبل فاران ومعه ألوف الأطهار في يمينه سِنَةُ نار).

ومعنى إن الله استعلن من جبل فاران أي من جبل مكة وهو جبل حراء، وكان أصحابه ألوفا من الأطهار {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} (٢).

وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله "قد رأيت أنا من نسخ الزبور ما فيه تصريح نبوة محمد صلى الله عليه وسلم باسمه، ورأيت نسخة أخرى بالزبور فلم أر ذلك فيها، وحينئذ فلا يمتنع أن يكون في بعض النسخ من صفات النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس في أخرى" (٣).

والحق أن نسخ الكتب السماوية التي كانت متداولة بين العلماء من أهل الكتاب خلال القرون الثمانية تعرضت لحذف اسم النبي صلى الله عليه وسلم، وحذف النصوص الواضحة الدلالة على صفاته كما يتضح ذلك من النقول التي أوردها العلماء المسلمون منها في كتبهم مثل قتيبة والماوردي والقرافي وابن تيمية وابن القيم، مما يشير إلى قيامهم بمحو ذلك من كتبهم على أثر المجادلات الدينية واحتجاج المسلمين بها عليهم. ومع ذلك فقد بقيت نصوص ذات دلالة صريحة مثل ما جاء في سفر اشعيا في الإصحاح الحادي والعشرين ونصه: (١٣ وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين،١٤ هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبره، ١٥ فإنهم من أمام


(١) ابن تيمية: الجواب الصحيح ١/ ٣٤٠.
(٢) التوبة ١٠٨.
(٣) ابن تيمية: الجواب الصحيح ٢/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>