للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الآية {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (١) وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم:

كيف يأتيك الوحي؟ فأجاب: أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس - وهو أشده علي - فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول (٢).

وكان الوحي يأتيه في اليقظة كما تدل الأحاديث الصحيحة (٣).

لقد استغرق نزول الوحي ثلاثاً وعشرين سنة، منها ثلاثة عشر عاماً بمكة وهذا هو المشهور (٤) وعشر سنين في المدينة وهو المتفق عليه (٥).

إن ظاهرة الوحي معجزة خارقة للسنن الطبيعية، حيث تلَّقى النبي صلى الله عليه وسلم كلام الله (القرآن) بواسطة الملاك جبريل (عليه السلام) وبالتالي فلا صلة لظاهرة الوحي بالإلهام أو التأمل الباطني أو الاستشعار الداخلي، بل إن الوحي يتم من خارج الذات المحمدية المتلقية له، دون أن يكون لرسول الله أي أثر في


(١) طه ١١٤.
(٢) صحيح البخاري ١/ ٢، ٣ وصحيح مسلم ٤/ ١٨١٦، ١٨١٧.
(٣) صحيح البخاري ١/ ٢، ٣ وصحيح مسلم ٤/ ١٨١٦، ١٨١٧ وقد ورد في مرسل عبيد بن عمير ومرسل الزهري أنه جاءه في المنام أولا ثم باليقظة (السيرة النبوية لابن كثير ١/ ٣٨٧ وعيون الأثر لابن سيد الناس ١/ ٨٩) وهذه المراسيل واهية لا يثبت بها الخبر.
(٤) صحيح البخاري ٤/ ٢٣٨ وصحيح مسلم ٤/ ١٨٢٥، ١٨٢٦ كلاهما عن ابن عباس ومستدرك الحاكم ٣/ ٢ بإسناده إلى علي رضي الله عنه وصححه ووافقه الذهبي ووردت روايات صحيحة أخرى عن ابن عباس أنه أقام بمكة بعد البعثة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وورد خمس عشرة سنة (صحيح البخاري ٤/ ١٦٤، ١٦٥ وصحيح مسلم ٤/ ١٨٢٤، ١٨٢٥، ١٨٢٧) فإذا لاحظنا أن فتور الوحي دام قرابة ثلاث سنوات فربما يكون ابن عباس حذفها عندما قال عشر سنين.
وقد رجح ابن حجر رواية ابن عباس أنها ثلاث عشرة سنة على روايته خمس عشرة سنة وقال: "إن إقامته بمكة ثلاث عشرة هو قول الجمهور وهو المشهور، ومن روى عنه ما يخالف ذلك جاء عنه المشهور، وهم ابن عباس وعائشة وأنس ثم نقل الرأي المشهور عن معاوية، وبه جزم ابن المسيب والشعبي ومجاهد، وقال أحمد: وهو الثبت عندنا. (فتح الباري ٨/ ١٥١).
(٥) ابن سيد الناس: عيون الأثر ١/ ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>