للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر ابن إسحاق فترة ثالثة للوحي لكنها لا تصح (١). وقد وردت روايات ضعيفة أو واهية السند ومنكرة المتن تفيد أن جبريل علَّمَ الرسول الوضوء أو أن خديجة تحققت من كون الذي يراه الرسول ملاكاً وليس شيطانًا (٢). أو أن وقوع شق الصدر تكرر معه في بدء الوحي (٣). أو أن أول مجيىء جبريل إليه كان هو نائم بحراء (٤)، أو أن أبا بكر هو الذي صحبه إلى ورقة (٥). وهذا كله لا يثبت.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة (٦)، فكان جبينه يتفصَّدُ عَرَقاً في اليوم الشديد البرد، وكان وجهه يتغير ويكرب (٧) وجسمه يثقل، يقول زيد بن ثابت: "فأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي فثقلت علىّ حتى خفت أن ترضَّ فخذي" (٨). وكان يركز ذهنه بشدة لحفظ القرآن، فيحرِّك به لسانه وشفتيه، فنزلت الآية {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} (٩) تخفيفاً عنه صلى الله عليه وسلم، كان شوقه إليه وحرصه عليه يدفعه إلى التعجل في تلقيه كما بينت


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٣٢١ - ٣٢٢ بلاغاً عن ابن عباس وتفسير الطبري ١٥/ ١٢٧ - ١٢٨ من طريق ابن إسحاق وفيه مبهم، وفيها أنه صلى الله عليه وسلم وعد المشركين بالإجابة عن أسئلتهم عن أصحاب الكهف والرجل الطواف والروح. ولم يستثن فتأخر عنه الوحي خمس عشرة ليلة.
(٢) راجع روايتي ابن إسحاق في سيرة ابن هشام ١/ ٢٣٨ - ٢٣٩ بسندين أولهما معضل وثانيهما مرسل، ورواية أبي نعيم في دلائل النبوة ١/ ٢٨٣ - ٢٨٤ بسند فيه النضر بن سلمة كذبه غير واحد (ميزان الاعتدال للذهبي ٤/ ٢٥٦ - ٢٥٧).
(٣) مسند الطيالسي ٢١٥ - ٢١٦ بسند ضعيف فيه مبهم ومتنه منكر، ودلائل النبوة للبيهقي ٢/ ١٤٢ - ١٤٤ من مرسل الزهري ضعيف، والخصائص الكبرى للسيوطي ١/ ٩٣ بسند مرسل وفيه ابن لهيعة ضعيف.
(٤) ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام ١/ ٢٣٦ - ٢٣٨ وتاريخ الطبري ٢/ ٣٠٠ - ٣٠١ من مرسل عبيد بن عمير بن قتادة الليثي.
(٥) مصنف ابن أبي شيبة ١٤/ ٢٩٢ - ٢٩٣ بسند فيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي وهو مدلس، وفيه انقطاع فأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني ليس صحابياً.
(٦) صحيح مسلم ١/ ٣٣٠.
(٧) صحيح مسلم ٤/ ١٨١٧.
(٨) صحيح البخاري ٥/ ١٨٢.
(٩) صحيح البخاري ٦/ ٧٦ وصحيح مسلم ١/ ٣٣٠ والآية من سورة القيامة ١٦، ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>