للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا (١).

لقد خلّد القرآن هذا الحَدَث فقال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} (٢). ولعله في هذه المرة نفسها جاءه أبو جهل فقال: ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن نهر أبا جهل وغلظ له القول، فقال أبو جهل: إنك لتعلم ما بها نادٍ أكثر مني. فأنزل الله {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} (٣).

وقد سأل عروةُ بن الزبير عبدَ الله بن عمرو بن العاص: "أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي مُعَيط، فأخذ بمنكب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} (٤). وكان عمرو بن العاص والد عبد الله شاهدَ عيانٍ للحادثة، والغالب أنه سمع الخبر منه (٥).


(١) صحيح مسلم ٤/ ٢١٥٤ من حديث أبي هريرة. وله شاهد من حديث ابن عباس مختصرًا أخرجه البخاري (فتح الباري ٨/ ٧٢٤). وأما تكملة الخبر في مستدرك الحاكم ٣/ ٣٢٥ ومسند البزار (كشف الأستار ٣/ ١٣٠) ففي سنده عبد الله بن أبي فروة متروك.
(٢) العلق. وثمة احتمال أن يكون الخبر عن سبب نزول الآية من حديث أبي هريرة متصلًا (صحيح مسلم ٤/ ٢١٥٤ ومسند أحمد ٢/ ٣٧٠) ويقوى بشواهده كما في سنن الترمذي ٥/ ٤٤٣ - ٤٤٤ وتفسير الطبري ٣/ ٢٥٦.
(٣) سنن الترمذي ٥/ ٤٤٣ - ٤٤٤ وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح والآيتان من سورة العلق ١٨.
وانظر الألباني: السلسلة الصحيحة رقم ٢٧٥ حيث قال "إسناده صحيح على شرط مسلم".
(٤) صحيح البخاري (فتح الباري ٨/ ٥٥٤، ٧/ ٢٢، ١٦٥) وابن إسحاق: السير والمغازي ٢٢٩ - ٣٣٠ بإسناد حسن مطولًا. والآية من غافر ٢٨.
(٥) مصنف ابن أبي شيبة ١٤/ ٢٩٧ بإسناد حسن، وتفسير النسائي رقم ٤٧٧ وتغليق التعليق ٤/ ٨٧. =

<<  <  ج: ص:  >  >>