وقلنا أينا (لا)(١) يصبح عندها فقد حبس، فليمض صاحباه.
قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب، وحبس عنها هشام، وفتن فافتتن.
فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام، والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة - وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما - حتى قدما علينا المدينة - ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة - فكلماه وقالا: إن أمك قد نذرت ألا يمس رأسها مشط حتى تراك، فرق لها.
فقلت له: يا عياش إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم ...
فقال: أبَرُّ قسم أمي، ولي هناك مال فآخذه.
فقلت: والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالاً، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما.
فأبي عليّ إلا أن يخرج معهما.
فلما أبى إلا ذلك قلت: أما إذا قد فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها نجيبة ذلول. فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها، فخرج عليهما معهما.
حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: والله يا أخي لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟
قال: بلى.
قال: فأناخ وأناخ ليتحول عليها, فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه وربطاه، ثم دخلا به مكة وفتناه فافتتن.
قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن افتَتَن صرفاً ولا عدلاً ولا توبةً؛ قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم.