للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسمن وأقط قد أفضله. قال: ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ أثر صفرة فقال: مهيم؟ فقلت: تزوجت امرأة من الأنصار. فقال: أولم ولو بشاة (١).

ولا شك أن المرء يقف مبهوراً أمام هذه الصور الرائعة من الأخوة المتينة والإيثار المتبادل الذي لا نشهد له مثيلا من تواريخ الأمم الأخرى.

وليس موقف ابن عوف في أنفته وكرم خلقه وعدم استغلاله لأخيه بأقل روعة من إيثار ابن الربيع. فقد تمكن - وهو التاجر الماهر - من شق طريقه في الحياة الجديدة وبعد مدة يسيرة تمكن من الزواج ودفع المهر نواة من ذهب (٢). ثم بورك له في عمله ونمت ثروته ليصبح من كبار أغنياء المسلمين، فقد أبى إلا أن يكون صاحب اليد العليا التي تعطي ولا تأخذ.

إلغاء التوارث بين المتآخين:

لا شك أن التوارث بين المتآخين كان لمعالجة ظروف استثنائية مرت بها الدولة الناشئة. فلما ألف المهاجرون جو المدينة وعرفوا مسالك الرزق فيها، وأصابوا من غنائم بدر الكبرى ما كفاهم، رجع التوارث إلى وضعه الطبيعي المنسجم مع الفطرة البشرية على أساس صلة الرحم، وأبطل التوارث بين المتآخين (٣)، وذلك بنص القرآن الكريم فقال تعالى: {... وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ..} (٤).


(١) النسائي: سنن ٦/ ١٣٧.
(٢) البخاري: الصحيح ٥/ ٣٩.
(٣) ابن سعد: الطبقات ج ١قسم ٢/ ٩.
والبلاذري: أنساب الأشراف ١/ ٢٧٠،٢٧١.
وابن القيم: زاد المعاد ٢/ ٧٩.
وابن سيد الناس: عيون الأثر ١/ ٢٠٠.
(٤) سورة الأنفال من الآية ٧٥. وانظر تفسيرها في الشوكاني: فتح القدير ٢/ ٣٣٠ - ٣٣١ وعن سبب نزول هذه الآية انظر مسند الطيالسي ٢/ ١٩ والهيثمي: مجمع الزوائد ٧/ ٢٨ وقال: رجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>