للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الآية نسخت التوارث بموجب نظام المؤاخاة، ويرى ابن عباس أن آية {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ ... وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} نسخت التوارث بالمؤاخاة، فالموالي في رأيه هم الورثة بالرحم {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} هم المهاجرون الذين كانوا يرثون بالمؤاخاة. وذكر ابن عباس أن ما ألغي من نظام المؤاخاة هو الإرث أما "النصر والرفادة والنصيحة" فباقية، ويمكن أن يوصي ببعض الميراث بين المتآخين (١)، ودون وصية لا يرث. وإلى هذا المعنى ذهب الإمام النووي فقال:"أما ما يتعلق بالإرث فيستحب فيه المخالفة عند جماهير العلماء، وأما المؤاخاة في الإسلام والمحالفة على طاعة الله تعالى والتناصر في الدين والتعاون على البر والتقوى وإقامة الحق فباق لم ينسخ" (٢).

وينفرد ابن سعد بنقل رواية بإسناده إلى عروة بن الزبير تذكر أن إلغاء التوارث بين المتآخين ونزول آية {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} كان بعد غزوة أحد (٣) التي وقعت في شوال سنة ٣ هـ.

ومن الغريب أن ابن حجر (٤) ذكر المؤاخاة بين الحتات التميمي ومعاوية بن أبي سفيان وأن الحتات مات في خلافة معاوية فورثه بالأخوة مكتفيا في التعليق على الخبر بإبداء تعجبه لأن للحتات بنون يرثونه (٥) دون أن يشير إلى إبطال التوارث بالمؤاخاة أصلاً منذ السنة الثانية الهجرية ولا يصح مثل هذا الخبر إلا أن يكون الحتات قد أوصى لمعاوية بشيء من ميراثه لا كله.


(١) البخاري: الصحيح ٣/ ١١٩ و ٦/ ٥٥ - ٥٦ و ٨/ ١٩٠ - ١٩١.
(٢) صحيح مسلم ٤/ ١٩٦٠ الحاشية.
(٣) السيوطي: لباب النقول في أسباب النزول ص ٢٦٠ نقلاً عن ابن سعد، والشوكاني فتح القدير ٢/ ٣٣٠ - ٣٣١ وقال: "أخرجه ابن سعد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه".
(٤) نقل ابن حجر ذلك عن ابن عبد البر الذي اعتمد بدوره على ابن إسحق وابن هشام وابن الكلبي.
(٥) ابن حجر: الإصابة قسم ٢ ص٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>