للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تناولت البنود من رقم (٢٥) إلى (٣٥) تحديد العلاقة مع المتهودين من الأوس والخزرج، وقد نسبتهم البنود إلى عشائرهم العربية، وأقرت حلفهم مع المسلمين، "وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين" وقد وردت العبارة في كتاب الأموال "أمة من المؤمنين" مما جعل أبا عبيد يقول: "فإنما أراد نصرهم المؤمنين ومعاونتهم إياهم على عدوهم بالنفقة التي شرطها عليهم، فأما الدين فليسوا منه في شيء، ألا تراه قد بين ذلك فقال لليهود دينهم وللمؤمنين دينهم" (١) أما ابن إسحاق فقد قال "مع المؤمنين" وهو أجود، ولعل ما في كتاب الأموال مصحف.

وقد بين ابن عباس سبب وجود رجال من الأوس والخزرج ضمن القبائل اليهودية فقال: "كانت المرأة من نساء الأنصار تكون مقلاه (٢)، فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا فأنزل الله {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} " (٣).

وقد كفلت المادة رقم (٢٥) لليهود حريتهم الدينية، كما حددت مسئولية الجرائم وحصرتها في مرتكبها (إلا من ظلم ,اثم فإنه لا يوتغ - أي لا يهلك - إلا نفسه وأهل بيته) فالمجرم ينال عقابه وإن كان من المتعاهدين (لا يحول الكتاب دون ظالم ولا آثم).

وقد منع البند رقم (٤٣) اليهود من إجارة قريش أو نصرها وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستهدف التعرض لتجارة قريش التي تمر غربي المدينة في طريقها إلى الشام، فلا بد من أخذ هذا التعهد لئلا تؤدي إجارتهم لتجارة قريش إلى الخلاف بينهم وبين المسلمين. كما منع البند رقم ٣٦ اليهود من الخروج من المدينة إلا بعد استئذان الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا القيد على تحركاتهم ربما يستهدف بالدرجة الأولى منعهم من


(١) أبو عبيد: الأموال ص ٢٩٦.
(٢) المقلاة: هي التي لا يعيش لها ولد (غريب الحديث للخطابي ٣/ ٨١).
(٣) سنن أبي داؤد ٣/ ١٣٢ وتفسير الطبري ٣/ ١٠ وأسباب النزول للواحدي ٧٧.
وإسناده صحيح

<<  <  ج: ص:  >  >>