للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيام بنشاط عسكري كالمشاركة في حروب القبائل خارج المدينة (١) مما يؤثر على أمن المدينة واقتصادها، واليهود كمواطنين في الدولة الإسلامية في المدينة يجب أن يخضعوا للنظام العام، كذلك فإن اليهود اعترفوا بموجب البند رقم (٤٢) بوجود سلطة قضائية عليا يرجع إليها سائر سكان المدينة بما فيهم اليهود، لكن اليهود لم يلزموا بالرجوع إلى القضاء الإسلامي دائماً بل فقط عندما يكون الحدث أو الاشتجار بينهم وبين المسلمين، أما في قضاياهم الخاصة وأحوالهم الشخصية فهم يحتكمون إلى التوراة ويقضي بينهم أحبارهم. ولكن إذا شاءوا فبوسعهم الاحتكام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد خير القرآن الكريم النبي صلى الله عليه وسلم بين قبول الحكم فيهم أو ردهم إلى أحبارهم {... فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (٢) ... ولا شك أن احتكامهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان متأخراً بعد ضعفهم، كما أن سورة المائدة متأخرة النزول.

ومن القضايا التي أراد اليهود تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم فيها اختلاف بني النضير وبني قريظة في دية القتلى بينهما، فقد كانت بنو النضير أعز من بني قريظة، فكانت تفرض عليهم دية مضاعفة لقتلاها، فلما ظهر الإسلام في المدينة امتنعت بنو قريظة عن دفع الضعف، وطالبت بالمساواة في الدية، فنزلت الآية {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (٣).

كما أن المعاهدة امتدت بموجب البند رقم (٤٥) لتشمل حلفاء المسلمين وحلفاء اليهود من القبائل الأخرى، إذ شرطت المادة على كل طرف مصالحة


(١) ذهب إلى ذلك عبد المنعم خان: رسالات نبوية فيما نقله عنه الدكتور صالح العلي في محاضراته (خطية لم تنشر بعد). والدكتور صالح أحمد العلي: تنظيمات الرسول الإدارية في المدينة ص ١٦
(٢) سورة المائدة من الآية ٤٢ وانظر عزة دروزة: سير الرسول ٢/ ١٤٨.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (الفتح الرباني ١٨/ ١٣٠) بسند حسن.
والآية من سورة المائدة ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>