حلفاء الطرف الآخر لكن المسلمين استثنوا قريشاً "إلا من حارب في الدين" لأنهم كانوا في حالة حرب معهم.
وقد اعتبرت منطقة المدينة حرماً بموجب البند رقم (٣٩)"وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة" والحرم هو ما لا يحل انتهاكه، فلا يقتل صيده ولا يقطع شجره، وحرم المدينة بين الحرة الشرقية والحرة الغربية وبين جبل (ثور) في الشمال وجبل عير في الجنوب، ويدخل وادي العقيق في الحرم (١) وبذلك أحلت هذه المادة الأمن داخل المدينة ومنعت الحروب الداخلية.
وثيقة الحلف بين المهاجرين والأنصار:
تبدأ الوثيقة التي كتبت بين المهاجرين والأنصار ببيان الأطراف المتحالفة فهي بين "المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، والتميز بين المؤمنين والمسلمين واضح لأن المعروف أن المؤمن هو من آمن إقراراً باللسان وتصديقاً بالقلب، والمسلم هو من خضع لأحكام الإسلام وأدى فرائضه، ويتميز الصنفان في أهل يثرب فقط لظهور النفاق فيهم بعد غزوة بدر الكبرى، أما المهاجرون فليس فيهم مسلم إلا وهو مؤمن مصدق بقلبه.
ويقرر البند رقم (٢) "أنهم أمة واحدة من دون الناس" أمة تربط أفرادها رابطة العقيدة وليس الدم، فيتحد شعورهم وتتحد أفكارهم وتتحد قبلتهم ووجهتهم، ولاؤهم لله وليس للقبيلة، واحتكامهم للشرع وليس للعرف، وهم يتمايزون بذلك كله على بقية الناس "من دون الناس" فهذه الروابط تقتصر على المسلمين ولا تشمل غيرهم من اليهود والحلفاء، ولا شك أن تمييز الجماعة الدينية كان أمراً مقصوداً يستهدف زيادة تماسكها واعتزازها بذاتها، يتضح ذلك في تمييزها بالقبلة واتجاهها إلى الكعبة بعد أن اتجهت ستة عشر أو سبعة عشر شهراً
(١) انظر محمد حميد الله: الوثائق السياسية ص ٤٤١ - ٤٤٢ والنووي: صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ١٣٦.