للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقرر البند رقم (١٧):"إن سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم" فمسئولية إعلان الحرب والسلم لا يقررها الأفراد بل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أعلن الحرب فإن سائر المؤمنين يصبحون في حالة حرب مع الخصم ولا يمكن لفرد منهم مهادنته لأنه مرتبط بالسياسة العامة للمؤمنين (١). كما أن عبء الحرب لا يقع على عشيرة دون أخرى بل إن الجهاد فرض على جميع المؤمنين وهم يتناوبون الخروج في السرايا والغزوات (٢) "وإن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا" بند رقم (١٨).

وقد أقر البند رقم (١٥) مبدأ الجوار الذي كان معروفا قبل الإسلام، وجعل من حق كل مسلم أن يجير، وأن لا يخفر جواره، كما حصر الموالاة بين المؤمنين، والموالاة تقتضي المحبة والنصرة فلا يجوز لمؤمن أن يوالي كافراً: "والمؤمنون بعضهم أولياء بعض" {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ...} (٣). {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ...} (٤).

لكن البند رقم (٢١) يمنع من بقي على الشرك من الأوس والخزرج من إجارة قريش وتجارتها أو الوقوف أمام تصدي المسلمين لها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مصمما على المضي في سياسة التعرض لتجارة قريش، ولا شك أن المسلمين من الأوس والخزرج وهم الأكثرية الغالبة في عشائرهم هم الذين سيتكفلون بتطبيق هذه المادة بالنسبة للمشركين من أفراد عشائرهم. إن هذا الالتزام سبق أن أخذ تعهد اليهود به أيضا عند موادعتهم وإن تكرر النص في الوثيقة يؤيد اعتبار الوثيقة تأليفا بين وثيقتين منفصلتين كما سبق.


(١) شرح الزرقاني على المواهب اللدنية للقسطلاني ٤/ ١٦٨.
(٢) ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث ٣/ ٢٦٧. وشرح الزرقاني على المواهب اللدنية للقسطلاني ٤/ ١٦٨ وابن منظور: لسان العرب مادة (عقب).
(٣) سورة المائدة من الآية ٥١.
(٤) سورة آل عمران: من الآية ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>