للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقرر معاهدة الجلاء حقن دماء اليهود، وإجلاءهم عن ديارهم، والسماح لهم بأخذ ما تحمله إبلهم من المتاع والأموال سوى السلاح فيتركونه للمسلمين. ويمكن الجمع بين الروايات الصحيحة التي تذكر أنهم أجلوا إلى الشام (١) وبين ما ذكره ابن سعد (٢) من توجههم إلى خيبر بأن زعماءهم مثل حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق وكنانة بن الربيع وغيرهم ذهبوا إلى خيبر ومعظمهم ذهب إلى الشام، ورواية ابن سعد ضعيفة دون إسناد ولكن تؤيد ذلك الأحداث اللاحقة الثابتة بالمرويات القوية مثل أخبار قتالهم في غزوة خيبر وقتل كنانة وأسر صفية وخبر سلام بن أبي الحقيق، والجمع يكون بالقول بأنهم أجلوا إلى الشام وبعضهم استقر بخيبر. وبذلك قال ابن إسحق (٣). وقد أسلم من بني النضير إثنان فأحرزا أموالهما وهما يامين بن عمر بن كعب وأبو سعد بن وهب (٤) أما أموال بني النضير ونخلهم فكانت للرسول خاصة بنص القرآن (٥) "فكان ينفق على أهله منها نفقة سنة ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله" (٦). وقد قسم النبي أرضهم بني المهاجرين، وأعطى اثنين من الأنصار فقط هما سهل بن حنيف وأبو دجانة بن سماك بن خرشة لحاجتهما (٧).

وقد أدى إجلاء بني النضير إلى كسر شوكة اليهود والمنافقين في المدينة حيث جددت قريظة المعاهدة مع المسلمين خلال حصار بني النضير وأظهرت رغبتها في


(١) عبد الرزاق: المصنف ٥/ ٣٥٨ - ٣٦١.
(٢) ابن سعد: الطبقات ٣/ ٥٨.
(٣) ابن هشام: السيرة ٣/ ٦٨٣ دون إسناد ويؤيده ما في دلائل النبوة ٣/ ٤٤٦ - ٤٤٩بإسناديه إلى عروة وموسى بن عقبة وفيهما رجال لم أعثر لهم على ترجمة.
(٤) ابن هشام: السيرة ٣/ ٦٨٣ بإسناده إلى عبد الله بن أبي بكر.
(٥) الحشر ٦ {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقد نزلت سورة الحشر في بني النضير (صحيح البخاري ٣/ ١٤١ وصحيح مسلم ٨/ ٣٤٥).
(٦) البخاري: الصحيح ٣/ ١٤٣ والشافعي في السنن (الساعاتي: بدائع السنن ٣/ ١١٠).
(٧) عبد الرزاق: المصنف ٥/ ٣٥٨ - ٣٦١ وأبو داود السنن ٣/ ٤٠٤ - ٤٠٧ وانظر ابن حجر: الفتح ٧/ ٣٣١ وسيرة ابن هشام ٣/ ٦٨٣ - ٦٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>