{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ} (١). والذي تفاعل قلبه وشعوره مع القرآن والسنة وأحس بأثرهما في صياغة شخصيته وتحديد دوافع سلوكه. ومن هنا جاءت التفسيرات الغربية والاستشراقية قاصرة عن فهم دوافع السلوك عند المسلمين في صدر الإسلام، فمثلاً عندما يعرض المستشرق الأب (لا مانس) لحادثة سقيفة بن ساعدة - وهي سابقة رائعة لتطبيق الشورى الإسلامية، حيث اقتنعت الأكثرية برأي الأقلية - فإن صور المؤامرات في البلاد الفرنسي في القرنين الخامس عشر والسادس عشر تشوه رؤيته لأحداث السقيفة، فيلطع علينا بصورة مشوهة عندما يقرر تآمر أبي بكر وعمر وعثمان (رضي الله عنهم) واتفاقهم على انتزاع الخلافة والتعاقب عليها فيما بينهم في سقيفة بني ساعدة.
إن الدراسات الاستشراقية وهي كثيرة جدا ومتباينة من حيث المستوى والدقة العلمية والبعد عن التعصب الديني والقومي، لكنها على العموم تصدر عن مفكرين عاشوا في بيئة بعيدة عن الإسلام لها حضارتها وفلسفاتها ومقاييسها وأذواقها، فيصعب عليهم تذوق الإسلام وبالتالي يتعذر عليهم فهم دوافع سلوك المسلم في حركته الفردية والجماعية، وهم يقيسون على التاريخ الأوروبي في تفسيرهم لحركة التاريخ الإسلامي رغم اختلاف طبيعة التاريخين، ولا نغفل عن كون الأوروبيين عموماً ينظرون إلى العالم من خلال موقفهم المتفوق عسكرياً وتكنولوجياً، فهم ينسبون كل مأثرة لأنفسهم وكل منقصة لسواهم. وعندما أرَّخ توينبي لحضارات العالم أعطى الحضارة الإسلامية مساحة ضيقة لا تتناسب مع حجمها ودورها الحقيقي في التاريخ العالمي.
إن أعظم قصور يواجه الدراسات الاستشراقية هو عجزها عن التصور السليم للإسلام وروحه وأثره في المجتمع الإسلامي وحركته التاريخية، وهو