إن الجهاد يمثل فريضة من أبرز الفرائض الإسلامية، وهو يوضح الهدف الكبير الذي يسعى المسلمون إلى تحقيقه وهو حرية اعتناق الناس للإسلام في سائر أرجاء الأرض وتكوين القوة العسكرية والسياسية اللازمة لدعم هذه الحرية وحماية المسلمين الجدد، ورغم أن اعتناق الإسلام على صعيد الأفراد لا يمكن أن يتحقق بالقوة إذ (لا إكراه في الدين) ولكن الإعلان عنه والتمكين له وحماية معتنقيه في سائر المعمورة يقتضي التفوق على القوى السياسية والعسكرية العالمية الأخرى، خاصة في العالم الذي ظهر في الإسلام قبل أربعة عشر قرناً حيث كانت الحكومات المعاصرة تمنع أتباعها من اعتناق الإسلام وتوقع بالمسلمين الفتنة مثل ما حدث من قبل الملأ من قريش بمكة ومثل موقف الفرس والروم المتاخمين لجزيرة العرب في الشام ومصر. وقد أوضحت النصوص الإسلامية أن تشريع الجهاد ليس مؤقتا بظرف طارئ وإنما هو فرض ديني دائم ففي الحديث (الجهاد باق إلى يوم القيامة) و (من مات ولم يغزو ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق)(١). وهو من فروض الكفاية إلا إذا غزيت ديار الإسلام في عقرها فيتعين على الجميع الدفاع عنها.
وقد خصصت كتب الفقه أقساماً خاصة لأحكام الجهاد المتنوعة مثل ما خصصت للصلاة والصوم والحج والزكاة مما يدل بوضوح على دوام هذه الفريضة على الأمة الإسلامية مثل بقية الفروض والأركان الأخرى.
وكان الجهاد يوحد الجبهة الداخلية للأمة الإسلامية ويصرف طاقاتها في مواجهة أعدائها، وكان النداء بتحرير الإنسان من العبودية لغير الله والمساواة بين الناس وتكريم الإنسان أيا كان لونه أو جنسه يسبق قوات المسلمين حيثما توجهت، فيجتذب النداء بالمبادئ السامية القلوب قبل أن تصدعها السيوف وهذا هو السر في انتشار الإسلام وانتصار قواته.