الناس في عصر قد ينكرونه في عصر آخر، وما يحسبه أبناء بلدة حسناً يراه سواهم منكراً، والحكم لله ولشرعه وليس لأذواق الناس وأهوائهم والله غالب على أمره.
٥ - استعمال المصطلحات الشرعية في الكتابة التاريخية: إن استعمال المصطلحات الشرعية ضروري عند كتابة التاريخ الإسلامي من خلال التصور الإسلامي النابع من القرآن الكريم والسنة المطهرة، لأن هذه المصطلحات ذات دلالة واضحة ومحددة ولأنها معايير شرعية لها قيمتها في وزن الأشخاص والأحداث. والقرآن الكريم قسم الناس إلى "المؤمن" و"الكافر" و"المنافق" ولكل من الثلاثة صفات محددة ثابتة ودقيقة لا تقبل التلاعب فيها. فما ينبغي أن نحيد عن هذا التقسيم إلى مصطلحات نبتت في أوساط غير إسلامية كوصف الإنسان بأنه "يميني" أو "يساري" أو غير ذلك من النعوت غير الشرعية التي ليست محددة بصورة دقيقة ثابتة، وكذلك فإن الحكم على الأعمال والمنجزات الحضارية ينبغي أن تستخدم فيه المصطلحات الشرعية وهي "الخير" و"الشر" و"الحق" و"الباطل" و"العدل" و"الظلم" كما حددها الشرع ولا تستخدم معايير الفكر الغربي "كالتقدمية والرجعية".
لقد انجرَّ بعض الكتاب المسلمين إلى استخدام مصطلحات وألفاظ ليست في "القاموس الإسلام" وفي ذلك يكمن خطر الذوبان في الفكر الجاهلي والضياع وسط مصطلحاته الكثيرة التي تفقدنا ذاتيتنا المستقلة.
إن استعمال المصطلحات الشرعية عند إعادة صياغة التاريخ الإسلامي ضروري جداً للحفاظ على استقلال التصور والمنهج الإسلامي وإبراز هويته بالإضافة إلى أن المصطلحات الشرعية أوضح وأدق من المصطلحات الغربية.
والآن ما هو المقصود بالبحث في التاريخ الإسلامي وفق مناهج المحدثين؟.
المقصود أن للمحدثين مناهج وطرقاً في نقد الأحاديث ومعرفة الصحيح من الضعيف، والمطلوب تطبيق هذه المناهج في نقد الروايات التاريخية المتعلقة.