للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبلة الحق - في نظرهم - يعلم نبيه أن يجيبهم: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١).وقد أوضح القرآن الكريم أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة امتحان وابتلاء للمؤمنين لتظهر قوة عقيدتهم وتختبر سرعة استجابتهم لأوامر الله تعالى {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (٢).

يعني: وما جعلنا صرفك عن القبلة التي كنت عليها وهي بيت المقدس إلا للاختبار وإنما يظهر وجه الابتلاء عندما تطالعنا الأخبار التي تعكس صدى تحويل القبلة حيث يزعم المشركون أن الرسول صلى الله عليه وسلم تحير في دينه ورجع إلى قبلتهم ويرجف المنافقون في أوساط المؤمنين ما بال محمد يحولنا مرة إلى هنا ومرة إلى هنا حتى خاف المسلمون على صلواتهم التي صلوها إلى بيت المقدس أن يبطل أجرها (٣).

فأوضحت الآية أن الله لا يضيع صلاة من صلى منهم إلى بيت المقدس ومات قبل تحويل القبلة دون أن يتجه إلى الكعبة، وهم عشرة من الصحابة، لأنهم أطاعوا الله ورسوله بالاتجاه إلى بيت المقدس كما أطاعه الأحياء في الاتجاه إلى الكعبة (٤).


(١) سورة البقرة: آية ١٤٢ وانظر تفسير الطبري ٢/ ١ - ٢.
(٢) سورة البقرة: آية ١٤٣.
(٣) تفسير الطبري ٢/ ١١ - ١٢.
(٤) طبقات ابن سعد ١/ ٢٤٣ بإسناد صحيح وفتح الباري ١/ ٩٨، وتفسير الطبري ٢/ ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>