للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أمر النبي على المدينة عند خروجه عبد الله بن أم مكتوم للصلاة بالناس، ثم أعاد أبا لبابة من الروحاء - وهي على أربعين ميلا من المدينة - وعينه أميراً على المدينة (١). مما يبين أهمية وجود الأمير في الحضر والسفر والسلم والحرب.

وقد بلغ أبا سفيان خروج المسلمين لأخذ القافلة، فسلك بها في طريق الساحل وأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري لاستنفار أهل مكة، فلما علمت قريش الخبر استعد للخروج دفاعاً عن قافلتها، وقد ذكر ابن عباس وعروة بن الزبير أن عاتكة بنت عبد المطلب رأت في المنام أن رجلاً استنفر قريشا وألقى بصخرة من رأس جبل أبي قبيس بمكة فتفتتت ودخلت سائر دور قريش، وقد أثارت الرؤيا خصومة بين العباس وأبي جهل حتى قدم ضمضم وأعلمهم بخبر القافلة (٢). فسكنت مكة وتأولت الرؤيا.

وكان وقع الخبر على قريش كالصاعقة، فإن التعرض لقوافلها السابقة كان ينتهي بمناوشات خفيفة قصد منها المسلمون إقلاق قريش، أما هذه المرة فقد قصدوا أخذ القافلة فعلا، يدل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين: "هذه عير قريش فيها أموالهم، فأخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها" (٣). لذلك سارعت قريش للخروج، وحاولت أن تجند كل طاقتها، فلم يتخلف أحد من فرسانها ورجالها إلا البعض - مثل أبي لهب - ممن أرسل بدله رجلاً. فقد كانت قريش في أشد الغضب وكانت ترى فيما حدث امتهاناً لكرامتها وحطاً لمكانتها بين


(١) البداية والنهاية ٣/ ٢٦٠ نقلا عن ابن إسحق دون إسناد. والحاكم: المستدرك ٣/ ٦٣٢ وفي إسناده ابن لهيعة، وهو صدوق خلط بعد احتراق كتبه (التقريب لابن حجر) وفيه أبو جعفر البغدادي وأبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد لم أقف على ترجمتهما. وسكت عنه الذهبي.
(٢) الحاكم: المستدرك ٣/ ١٩ بإسناد ضعيف إلى ابن عباس والبداية والنهاية ٣/ ٢٥٧ من طريق ابن إسحق وبإسناد حسن إلى عروة لكنه مرسل. وثمة روايات أخرى لا تخلو من ضعف لكنها تعتضد للدلالة على صحة الحادثة (الإصابة ٤/ ٣٤٧ ومجمع الزوائد ٦/ ٧٢).
(٣) ابن هشام: السيرة ٢/ ٦١ من طريق ابن إسحق بسند صحيح إلى ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>