للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو جهل يدعو على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم أينا كان أقطع للرحم، وأتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة" فكان ذلك استفتاحه الذي أشارت إليه الآية الكريمة {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} (١).

لقد وصل المسلمون إلى بدر وقاموا باستطلاع المكان قبل وصول المشركين وقد ورد بسند حسن إلى عروة لكنه مرسل أن الحباب بن المنذر أشار على النبي صلى الله عليه وسلم بأن يترك مياه بدر خلفه لئلا يستفيد منها المشركون وأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل مشورته (٢). ورغم ضعف هذه الرواية من جهة الإرسال فإن مبدأ الشورى ثابت بنصوص القرآن الكريم وأحداث السيرة المطهرة.

فكثيراً ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه فيما لا وحي فيه، من الكتاب والسنة تعويداً لهم على التفكير بالمشاكل العامة وحرصا على تربيتهم على الشعور بالمسئولية ورغبة في تطبيق الأمر الإلهي بالشورى وتعويد الأمة على ممارستها.

وقد وصف علي (رض) في رواية صحيحة كيف بات المسلمون ليلة السابع عشر من رمضان ببدر وأمامهم معسكر المشركين قال: "لقد رأيتنا يوم بدر، وما منا إلا نائم، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يصلي إلى شجرة ويدعو حتى أصبح ... ثم إنه أصابنا من الليل طش (٣) من مطر، فانطلقنا تحت الشجر


(١) الحاكم: المستدرك ٢/ ٣٢٨ والطبري: التفسير ١٣/ ٤٥٤ تحقيق أحمد شاكر، كلاهما بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير العذري من صغار الصحابة لم يثبت له سماع لكن مرسل الصحابي ليس علة قادحة لأن الصحابة كلهم عدول. والآية من سورة الأنفال ١٩.
(٢) ابن حجر: الإصابة ١/ ٣٠٢ من طريق ابن إسحق وقد صرح بالسماع، وثمة رواية عند الحاكم في المستدرك ٣/ ٤٢٦ - ٤٢٧ بإسناد فيه من لم أقف على تراجمهم لكن الذهبي قال أنه حديث منكر وساق ابن هشام الخبر من طريق ابن إسحق بسند فيه إبهام. ولو عرف المبهم لحسن السند (سيرة ابن هشام ٢/ ٣٠٣).
(٣) الطش: القليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>