للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي صحيح البخاري: "جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: أفضل المسلمين - أو كلمة نحوها - قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة" (١).

فهذا ما صح من الآثار عن اشتراك الملائكة ببدر وقتالها فيها، وأما عن حكمة ذلك مع أن جبريل وحده قادر على إهلاكهم بأمر الله فيوضح السبكي ذلك بقوله: "وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتكون الملائكة مدداً على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها الله تعالى في عباده. والله تعالى هو فاعل الجميع والله أعلم" (٢).

وقد يتحاشى بعض الكتاب المسلمين الإشارة إلى مشاركة الملائكة ببدر وهذا من مظاهر الهزيمة أمام الفكر المادي الذي لا يؤمن إلا بالمحسوسات، والإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم يقتضي الإيمان بالملائكة.

وأخذ المشركون يتساقطون صرعى، حتى قتل منهم سبعون وأسر سبعون (٣)، وكان بعضهم يصرعون في مواضع كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين لأصحابه قبل المعركة أنهم يصرعون فيها وذكرهم بأسمائهم (٤).

ثم فروا لا يلوون على شيء تاركين غنائم كثيرة في ميدان المعركة.

وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بسحب قتلى المشركين إلى آبار ببدر فألقوا فيها، وأقام ببدر ثلاثة أيام ودفن شهداء المسلمين فيها، وهم أربعة عشر شهيدا سمتهم المصادر (٥)


(١) فتح الباري ٧/ ٣١١ - ٣١٢.
(٢) المصدر السابق ٧/ ٣١٣ وكلام السبكي يكشف عن طبيعة الإسلام في تحقيق أهدافه معتمدا على الجهد البشري وفي حدود السنن والقوانين الطبيعية والاجتماعية وهذا الكلام يدل على بصيرة نافذة وعمق في فهم طبيعة هذا الدين.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم ١٢/ ٨٦ - ٨٧.
(٤) أحمد: المسند ١/ ٢٣٢ بإسناد صحيح.
(٥) ابن هشام: السيرة ٢/ ٤٢٨. وابن كثير: البداية والنهاية ٣/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>