للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غزوة بدر وهي قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (١). وقد أسهم الرسول صلى الله عليه وسلم لتسعة من الصحابة لم يشهدوا الغزوة لأعمال كلفوا بها في المدينة أو لإصابتهم بجروح وكسور في الطريق إلى بدر أو لغيرها من الأعذار. منهم عثمان بن عفان الذي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالعناية بزوجته رقية في مرض موتها (٢). وما إن اتضح الحكم في الغنائم وكيفية توزيعا حتى ثاب الناس إلى طاعة الله ورسوله واختفى كل خلاف، وكان هذا شأنهم في كل أمر يقطع فيه الله ورسوله بحكم. وكان تقسيم الغنائم في الصفراء في طريق عودة الجيش إلى المدينة وقد تقدمهم زيد بن حارثة إليها بالبشارة، وقد تلقى المسلمون بالمدينة هذه البشارة بالفرح الغامر والحذر ألا يكون الخبر يقينا، قال أسامة: "فوالله ما صدقت حتى رأينا الأسارى (٣). وكانت الدهشة تعلوا الوجوه، أحقا هزمت قريش وأسر زعماؤها وتحطمت كبرياؤها وظهرت حقيقة آلهتها الزائفة وعقائدها الباطلة، وها هي أم المؤمنين سودة لفرط دهشتها تقول لأبي يزيد سهيل بن عمرو ويداه معقودتان إلى عنقه بحبل: "أبا يزيد أعطيتم بأيديكم ألا متم كراما"!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعلى الله وعلى رسوله"!! - أي تؤلبين - فقالت: يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما ملكت حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنه بالحبل أن قلت ما قلت" (٤)!!

وفي طريق عودة الجيش إلى المدينة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل اثنين من الأسرى أولهما النضر بن الحارث وثانيهما عقبة بن أبي معيط (٥)، وكانا يؤذيان المسلمين بمكة ويشتدان في عداوتهما لله ولرسوله. فهما من أئمة الكفر ومجرمي الحرب وفي


(١) سورة الأنفال: آية ٤١، وانظر البداية والنهاية لابن كثير ٣/ ٣٠٢ - ٣٠٣.
(٢) العليمي: مرويات غزوة بدر ٤٢٠ - ٤٢٤.
(٣) ابن كثير: البداية والنهاية ٣/ ٣٠٤ نقلا عن البيهقي بإسناد صحيح.
(٤) ابن هشام: السيرة ٢/ ٣٣٥ بإسناد صحيح.
(٥) البداية والنهاية ٣/ ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>