للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي موقع الشيخين عسكر جيش المسلمين واستعرض الرسول صلى الله عليه وسلم صغار السن الذين لا طاقة لهم بقتال ممن هم أبناء أربع عشرة سنة أو أقل فردهم سوى رافع بن خديج أجازه لما قيل له أنه رام، وسمرة بن جندب لما علم أنه أقوى من رافع (١)، وبلغ عدد من ردهم من صغار السن أربعة عشر صبياً سماهم ابن سيد الناس (٢) وقد صح أن ابن عمر منهم (٣) وموقف هؤلاء الصبيان وهم مقبلون على الموت بشجاعة ورغبة يبعث على الدهشة حقا، وقد تنافسوا في ذلك متطلعين إلى نيل الشهادة في سبيل الله دون أن يجبرهم قانون للتجنيد أو تدفع بهم قيادة غاشمة إلى ميدان القتال، ولكن أليست هذه سمات التربية المحمدية ومزايا الروح الإسلامية؟

وقد تقدم الجيش الإسلامي إلى ميدان أحد، واتخذ مواقعه بموجب خطة محكمة حيث نظم الرسول صلى الله عليه وسلم صفوف جيشه جاعلا ظهورهم إلى جبل أحد ووجوههم تستقبل المدينة، وجعل خمسين من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير فوق جبل عينين المقابل لأحد لحماية المسلمين من التفاف خيالة المشركين عليهم وشدد عليهم بلزوم أماكنهم وقال: "إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا مكانكم" (٤). وبذلك سيطر المسلمون على المرتفعات تاركين الوادي لجيش قريش الذي تقدم وهو يواجه أحد وظهره إلى المدينة.


(١) ابن إسحق (ابن هشام: السيرة ٣/ ١١) والواقدي: مغازي ١/ ١٠٩. وابن حزم: جوامع السيرة ١٥٩ ولم تصح في ذلك رواية. ولكن شتان بين صحة الأخبار حديثياً - وهي عزيزة - وبين نفيها.
(٢) عيون الأثر ٢/ ٧.
(٣) رواه البخاري (فتح الباري ٥/ ٢٧٦) وصحيح مسلم ٢/ ١٤٢.
(٤) صحيح البخاري (فتح الباري ٦/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>