للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتشير روايات ضعيفة - حديثياً - إلى وقوع مبارزة قبل التحام الجيشين بين علي بن أبي طالب وطلحة بن عثمان حامل لواء المشركين وأن عليا قتله (١)، وإلى محاولة أبي عامر الفاسق (الراهب) - الذي كان من زعماء الأوس وترك المدينة فالتحق بالمشركين - إقناع الأوس بالالتحاق به، لكنهم ردوه رداً شديداً (٢).

وقد اشتد القتال بين الجيشين وتراجع المشركون إلى معسكرهم فقد أبدى المسلمون بطولة فائقة فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ سيفا فيقول: من يأخذ مني هذا؟ فبسطوا أيديهم كل إنسان منهم يقول: أنا. أنا قال: من يأخذه بحقه؟ قال: فأحجم القوم. فقال أبو دجانة: أنا آخذه بحقه. قال: فأخذه ففلق به هام المشركين (٣). وقاتل حمزة بن عبد المطلب قتال الأبطال. فلما طلب سباع بن عبد العزى المبارزة تصدى له فقتله، وكان وحشي مولى جبير بن مطعم قد وعده مولاه أن يعتقه إن قتل حمزة - وكان حمزة قد قتل عمه طعيمة بن عدي ببدر - فكمن له وحشي تحت صخرة فلما دنا منه رماه بحربته فقتله غيلة (٤)، وهل لمثل وحشي أن ينازل حمزة منازلة الأبطال أو يواجهه كما يفعل الرجال!!

واستشهد آخرون في هذه المرحلة الأولى من القتال منهم حامل الراعية داعية الإسلام مصعب بن عمير. قال خباب: "هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله، فمنا من مضى - أو ذهب - لم يأكل من أجره شيئا كان منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم يترك إلا نمرة (أي كساء) كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطى بها رجلاه خرج رأسه. فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: "غطوا بها رأسه واجعلوا الأذخر أو قال ألقوا على رجليه من


(١) الطبري بإسناد صحيح لكنه من مراسيل السدي (تفسير ٧/ ٢٨١).
(٢) سيرة ابن هشام ٣/ ١٣ ومغازي الواقدي ١/ ٢٢٣ وهو من رواية عاصم بن عمر بن قتادة ولم يسنده.
(٣) صحيح مسلم ٢/ ٣٨٤.
(٤) رواه البخاري (فتح الباري ٧/ ٣٦٧) من حديث وحشي نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>