للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم كثرة الأحزاب، رأى أن يخفف الضغط على المدينة، وأن يصالح غطفان بأن يعطيهم ثلث ثمار المدينة لعام، لكنه لما شاور سعد بن معاذ زعيم الأوس وسعد بن عبادة زعيم الخزرج قالا: "لا والله ما أعطينا الدنية من أنفسنا في الجاهلية فكيف وقد جاء الله بالإسلام". وفي رواية الطبراني أنهما قالا: يا رسول الله أوحي من السماء فالتسليم لأمر الله أو عن رأيك أو هواك؟ فرأينا تبع هواك ورأيك فإن كنت إنما تريد الإبقاء علينا، فوالله لقد رأيتنا وإياهم على سواء ما ينالون منا ثمرة إلا شراء أو قرى. فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم المفاوضة مع الأعراب. وكان يمثلهم الحارث الغطفاني قائد بني مرة (١).

وقد اشتد الخطب على المسلمين عندما بلغهم أن حلفاءهم يهود بني قريظة قد نكثوا العهد وغدروا بهم، وكانت ديار بني قريظة في العوالي في الجنوب الشرقي للمدينة على وادي مهزور، فكان موقعهم يمكنهم من إيقاع ضربة بالمسلمين من الخلف. وقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام إلى بني قريظة للاستطلاع، فلما رجع قال له: فداك أبي وأمي، وقال: إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير (٢). ثم أرسل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فمضيا إلى بني قريظة فوجداها قد نقضت العهد ومزقت الصحيفة إلا بني سعنة فإنهم خرجوا من الحصون إلى المسلمين وفاء بالعهد. وكان ذلك على أثر سفارة حيي بن أخطب النضري الذي أقنع كعب بن أسد القرظي بنقض العهد مع المسلمين مبيناً له قوة الأحزاب وأنهم قادرون على القضاء على المسلمين مواعداً له إن رجع الأحزاب


(١) كشف الأستار ١/ ٣٣٢ وقد رواه البزار بإسناد حسن من حديث أبي هريرة، وساقه الطبراني أيضاً بإسناد حسن فيه محمد بن عمرو الليثي صدوق له أوهام، ومدار الروايتين عليه. وقد جاء في متن الطبراني ذكر السعود وهم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وقد اتفقت الروايتان عليهما وذكر سعد بن الربيع وسعد بن خيثمة وسعد بن مسعود وهو خطأ لأن ابن الربيع استشهد في أحد وابن خيثمة استشهد ببدر.
وأما ابن مسعود فلا مانع من مشاورته إذا صحت الرواية (الإصابة ٢/ ٣٦).
(٢) فتح الباري ٧/ ٨٠، ٦/ ٥٢ من متن البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>