للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتحطيم الأصنام وتطهير البيت الحرام منها، وشارك في ذلك بيده فكان يهوي بقوسه إليها فتساقط وهو يقرأ {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (١). وكانت ستين وثلاثمائة من الأنصاب (٢)، ولطخ بالزعفران صور إبراهيم وإسماعيل وإسحق وهم يستقسمون بالأزلام وكانت هذه الصور داخل الكعبة، وقال: قاتلهم الله ما كان إبراهيم يستقسم بالأزلام (٣). وفي رواية أن صورة مريم كانت داخل الكعبة أيضاً (٤). ولم يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم الكعبة إلى بعد أن محيت هذه الصور منها (٥). ثم دخلها فصلى فيها ركعتين، وذلك بين العمودين المقدمين منها، وكانت مبنية على ستة أعمدة متوازية، وقد جعل باب الكعبة خلف ظهره، وترك عمودين عن يساره وعموداً عن يمينه وثلاثة وراءه (٦). ثم خرج فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه مفتاح الكعبة، وكانت الحجابة في بني شيبة في الجاهلية فأبقايا بأيديهم (٧). ثم استلم الرسول صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود وطاف بالبيت مهللا مكبرا ذاكرا شاكرا، وكان غير محرم وعلى رأسه المغفر ثم لبس عمامة سوداء مما يدل على جواز دخول مكة بغير إحرام لمن لم يرد حجا ولا عمرة (٨).

وهكذا تم تطهير البيت العتيق من مظاهر الوثنية وأوضار الجاهلية ليعود كما أراد له الله تعالى وكما قصد ببنائه إبراهيم وإسماعيل مكانا لعبادة الله وتوحيده.


(١) صحيح مسلم ٢/ ٩٥، ٩٦، ٢٩٦، ٢٩٧.
(٢) صحيح البخاري ٥/ ١٨٨ وصحيح مسلم ٢/ ٩٧.
(٣) صحيح البخاري ٥/ ٨٨ ومسند أحمد ١/ ٣٦٥ بإسناد صحيح والبوصيري: أتحاف الخيرة المهرة القسم الثالث من الجزء الثالث، ص١٠٩ من مسند أبي بكر بن أبي شيبة بإسناد حسن.
(٤) صحيح البخاري ٤/ ١٦٩.
(٥) صحيح البخاري ٥/ ١٨٨.
(٦) صحيح البخاري ٥/ ٢٢٢، ١٠٩، ١١٠ وصحيح مسلم ١/ ٥٥٦.
(٧) وردت في ذلك عدة أحاديث مرسلة ومنقطعة تقوي بمجموعها (انظر مصنف عبد الرزاق ٥/ ٨٣، ٨٤، ٨٥ وابن حجر: فتح الباري ٨/ ١٩).
(٨) صحيح البخاري ٣/ ٢١ وصحيح مسلم ١/ ٥٧٠ وشرح النووي على صحيح مسلم ٣/ ٥٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>