للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغفل عن الحراسة حتى الفجر، وقد أدى أنس مهمته خير أداء فوعده النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة (١).

لقد كان لوجود الطلقاء في جيش المسلمين آثار سلبية، فقد كانوا حديثي عهد بالإسلام ولم يتخلصوا من كل الرواسب الجاهلية المستقرة في أعماقهم وحياتهم، حتى إذا رأى بعضهم في الطريق إلى حنين شجرة تعرف بذات أنواط يعلق عليها المشركون أسلحتهم قالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط؟ فقال: "سبحان الله، كما قال قوم موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، والذي نفسي بيده لتركبن سنة من قبلكم" (٢).

ولا شك أن طلبهم يعبر عن عدم وضوح تصورهم للتوحيد الخالص رغم إسلامهم لكن النبي صلى الله عليه وسلم أوضح لهم ما في طلبهم من معاني الشرك وحذرهم من ذلك، ولم يعاقبهم أو يعنفهم لعلمه بحداثة عهدهم بالإسلام.

ومن تلك الآثار السلبية ما أصاب المسلمين من إعجاب بكثرتهم حتى رد أحدهم (٣) ما سيحوزونه من نصر إلى أنهم "لن يغلبوا من قلة". وعبر عن ذلك جهرة، في حين أصاب هذا الشعور آخرين سواه حتى استحقوا معاتبة القرآن الكريم لهم وتذكيرهم بعدم الاتكال إلا على الله وحده، وإلا وكلهم إلى أنفسهم {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} (٤). وقد انتبه الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر،


(١) أبو داؤد: السنن ١/ ٢١٠، ٢/ ٩، وهو حديث صحيح الإسناد (الاصابة ١/ ٨٦).
(٢) الترمذي: سنن ٣/ ٣٢١ - ٣٢٢، وقال: حسن صحيح والنسائي في السنن الكبرى كما في تحفة الأشراف ١١/ ١١٢ حديث رقم ١٥٥١٦ وأحمد: المسند ٥/ ٢١٨. وابن كثير: تفسير ٢/ ٢٤٣ ط. الحلبي وقال: أورده ابن جرير ورواه ابن أبي حاتم من حديث كثير بن عبد الله ابن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده مرفوعا.
(٣) وردت روايات كلها ضعيفة في تحديد قائل ذلك (مغازي الواقدي ٣/ ٨٩٠؛ والهيثمي: كشف الأستار عن زوائد البزار ٢/ ٣٤٦ - ٣٤٧؛ وسيرة ابن هشام ٢/ ٤٤٤).
(٤) سورة التوبة: الآية ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>