للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلما اقتربوا من حنين ساروا ببطء وحذر فإنها لا تبعد عن مكة سوى عشرين كيلا شرقي مكة وتعرف الآن بالشرائع (١). أما في أول خروجهم من مكة فقط مضوا مسرعين (٢). وقد استخلف الرسول صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد أميرا على مكة عند خروجه (٣). وكان عدد جيش المسلمين كبيرا إذا قورن بسائر الغزوات السابقة فقد انضم إلى الجيش الذي فتح مكة -وعدده عشرة آلاف مقاتل (٤) - ألفان من أهل مكة من مسلمة الفتح الذين سموا بالطلقاء، حيث أجمعت الروايات على ذلك رغم أنها لا ترقى إلى درجة الصحة الحديثية في عدد الطلقاء الذين انضموا إلى الجيش، ولكنها تكفي لاعتمادها تاريخياً (٥). ولذلك تعتبر غزوة حنين أكبر المعارك التي خاضها المسلمون في عصر السيرة ومن أكثرها خطورة.

وقد اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بحراسة جيشه حتى إذا حضرتهم صلاة العشاء وهم قريبون من العدو أمر أحد الصحابة بمراقبة عدوهم من أحد الجبال المطلة على وادي حنين وقد عبر عن ثقته الكبيرة بربه وبنصره عندما أخبره الصحابي بما رأى من جموع هوازن وأموالها بقوله "تلك غنيمة المسلمين غداً إن شاء الله" ثم تطوع انس بن أبي مرثد الغنوي بحراسة المسلمين حيث ناموا في المكان وأوصاه ألا


(١) حمد الجاسر: تعليقه ص ٤٧١ على كتاب المناسك للحربي وفؤاد حمزة: قلب جزيرة العرب ص ٢٦٨.
(٢) أبو داؤد: السنن ١/ ٢١٠، ٢/ ٩؛ والحاكم: المستدرك ١/ ٢٣٧، ٢/ ٨٣ - ٨٤ وصححه ووافقه الذهبي.
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ٤٤٠ وتاريخ خليفة ص ٨٨؛ وتاريخ الطبري ٣/ ٧٣ والحاكم: المستدرك ٣/ ٢٧٠ وتصل هذه الروايات رغم ضعفها حديثياً للاستدلال التاريخي خاصة أنها تتفق مع أحكام الإسلام في الإمارة.
(٤) صحيح البخاري ٥/ ٢٠؛ وسيرة ابن هشام ٢/ ٣٩٩ - ٤٠٠.
(٥) ابن هشام: السيرة ٢/ ٤٤٠ وتاريخ خليفة بن خياط ص ٨٨؛ وطبقات ابن سعد ٢/ ١٥٤ - ١٥٥ وتاريخ الطبري ٣/ ٧٣؛ والحاكم: المستدرك ٢/ ١٢١ وصحح الرواية ووافقه الذهبي لكن الهيثمي أشار إلى علة فيها هو عبد الله بن عياض لم يوثقه أحد (مجمع الزوائد ٦/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>