للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي بداية القتال تراجعت طلائع هوازن أمام تقدم المسلمين تاركين بعض الغنائم التي أقبل على جمعها الجند (١)، وكأنهم حسبوا أن هوازن قد هزمت هزيمة نهائية، ولكن هوازن فاجأتهم بالسهام الكثيفة تنهال عليهم من جنبات الوادي، وكان بعض المسلمين قد تعجلوا بالخروج دون استكمال عدة القتال، فكان بعضهم حاسري الرءوس، والبعض الآخر من الشبان لم يحملوا معهم السلاح الكافي (٢) ولم يحسبوا للأمر حسابه، وأمام هول المفاجأة ودقة الرماة من هوازن حتى: "ما يكاد يسقط لهم سهم، فرشقوه رشقاً ما يكادون يخطئون" (٣) كما وصفهم البراء بن عازب أحد شهود المعركة من الصحابة - فانكشفت خيالة المسلمين ثم المشاة، وفر الطلقاء والأعراب، ثم بقية الجيش، حتى لم يصمد مع الرسول صلى الله عليه وسلم سوى فئة قليلة صمدت بصموده.

لقد استمر القتال في هذه الجولة الأولى من الفجر إلى العشاء ثم طيلة الليل ثم انكشف المسلمون وأدبروا، وكان الحر خلال النهار شديداً فكان المسلمون يأوون قبل المعركة إلى ظلال الأشجار في النهار، أما في وقت المعركة فكانوا معرضين للشمس الملتهبة، وكانت الأرض رملية فكان الغبار يرتفع في وجوههم، فيحد من قدرة المقاتلين على الرؤية كما عبر أحدهم: "فما منا أحد يبصر كفَّه" (٤). في حين استفادت هوازن من كمائنها في المنعطفات والشعاب.


(١) صحيح البخاري ٤/ ٢٥ ومسلم ٣/ ١٤٠١.
(٢) صحيح البخاري ٤/ ٣٥، ٥/ ١٢٦ وصحيح مسلم ٣/ ١٤٠٠ - ١٤٠١ من حديث البراء بن عازب أحد شهود المعركة.
(٣) صحيح البخاري ٤/ ٣٥ وصحيح مسلم ٣/ ١٤٠٠ - ١٤٠١.
(٤) مسند أحمد ٥/ ٢٦٨ وسنن أبي داؤد ٢/ ٦٤٩ ومسند البزار (كشف الأستار ٢/ ٣٥٠) وطبقات ابن سعد ٢/ ١٥٦ ومداره على أبي همام عبد الله بن يسار وهو مجهول لم يوثقه سوى ابن حبان، لكن أبا داؤد وصفه بأنه حديث نبيل ووثق سنده الهيثمي (مجمع الزوائد ٦/ ١٨٢) وابن حجر (مختصر زوائد مسند البزار ص ٢٥١ رقم ٨١٦) والزرقاني (شرح المواهب اللدنية ٣/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>