للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقين من ذي القعدة (١) بعد أن مكث بضع عشرة ليلة في الجعرانة ثم قام بالعمرة ثم عاد إلى المدينة ويحتاج ذلك إلى ثمانية عشر يوماً على الأقل بعد فك الحصار عن الطائف.

وقد سلك المسلمون في تقدمهم نحو الطائف الطريق القديم الذي يدخل الطائف من ناحية الجنوب. فمروا على نخلة اليمانية ثم قرن المنازل - على بعد ٨٠ كيلاً عن مكة و ٥٣ كيلاً جنوب الطائف - ثم المليح من وديان الطائف ثم بحرة الرغاء على بعد ١٥ كيلاً جنوب الطائف (٢) وهي طريق طويلة إذا قورنت بالطريق المسفلت بين مكة والطائف وطوله ٩٠كيلاً لكن الطائف يستحيل اقتحامها من ناحية الشمال حيث التضاريس الجبلية المعقدة التي تعطيها تحصيناً طبيعياً، ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يحول بين ثقيف وبين أمدادها من هوازن شرق وجنوب الطائف.

وقد نزل المسلمون قريباً من حصون الطائف فكانوا في متناول سهام ثقيف فأصيب بعضهم فتحولوا بعسكرهم إلى الموضع الذي بنى فيه مسجده (٣) وهو المعروف اليوم بمسجد عبد الله بن عباس، والطائف قديماً كانت إلى الجنوب الغربي من المسجد (٤) وكان القتال تراشقاً بالسهام على بعد، وقد استخدم المسلمون آلة من الخشب الثخين المغلف بالجلود مركبة على عجلات مستديرة احتموا بها من السهام حتى وصلوا إلى الأسوار ليثقبوها، فألقت ثقيف عليهم قطع حديد محماة فأحرقت "الدبابة" - وهو اسم الآلة - وخرج المقاتلون من


(١) ابن هشام: السيرة ٢/ ٥٠٠ وابن حزم: جوامع السيرة ٢٤٨ وجزم ابن حزم بأن مدة الحصار كانت بضع عشرة ليلة (جوامع السيرة ٢٤٣، ٢٤٨).
(٢) ابن إسحق (سيرة ابن هشام ٢/ ٤٧٨ - ٤٨٣) وعن تحديد المسافات انظر: البلادي: معجم المعالم الجغرافية ٢٥٤ ونسب حرب ٣٩، ٢٢٥ والحربي، كتاب المناسك تعليق حمد الجاسر ٣٥٣.
(٣) ابن إسحق (سيرة ابن هشام ٢/ ٤٧٨ فما بعد).
(٤) البلادي: معجم المعالم الجغرافية ٢١٣، ٢١٤، ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>