للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودعا لهم بالهداية بعد أن رفضوا دعوته وآذوه، وقد سأله بعض الصحابة أثناء حصار الطائف أن يدعو على ثقيف فدعا لهم بقوله: "اللهم إهد ثقيفاً" (١).

لا غرابة إذاً في أن يدعو الرسول أصحابه إلى فك الحصار، فلما رأى حرصهم على القتال في أوله سمح لهم ببعض المناوشات التي أثبتت لهم أن لا جدوى من القتال، عندئذ أعاد عليهم الرسول فكرة فك الحصار فأظهروا الرضا بهذا القرار الحكيم (٢). وعادوا إلى الجعرانة، فوصلوها في اليوم الخامس من ذي القعدة.

وفي الجعرانة كانت تقبع غنائم حنين الجليلة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخَّر قسمتها، ولم يعجل بالقسمة حتى بعد عودته من حصار الطائف - سوى بعض الفضة التي قسمها إثر العودة من حصار الطائف (٣) -، بل انتظر بضع عشرة ليلة (٤) متطلعاً إلى قدوم هوازن عليه ودخولها في الإسلام، لكنها أبطأت عليه، فقسم الغنائم. والأصل أن الغنيمة يؤخذ منها الخمس يتصرف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وفقاً للتوجيه القرآني {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (٥).

وأما الأربعة الأخماس الأخرى فهي حصة المقاتلين الذين شهدوا القتال، توزع بينهم بالتساوي للرجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه. هذا في غنيمة الأموال المنقولة، وأما الأموال غير المنقولة فالإمام مخير فيها بين قسمتها أو وقفها واعتبارها ملكاً عاماً للدولة. والأموال التي يحوزها المسلمون


(١) الترمذي: سنن ٥/ ٣٨٥ - ٣٨٦ وقال: حسن صحيح غريب، وبين الألباني أنه صحيح على شرط مسلم لولا عنعنة أبي الزبير - راويه - وهو مدلس (فقه السيرة للغزالي ٤٣٢).
(٢) البخاري: صحيح ٥/ ١٢٨، ٩/ ١١٣.
(٣) الحاكم: المستدرك ٢/ ١٢١ وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عنه الذهبي.
(٤) صحيح البخاري (فتح الباري ٨/ ٣٢) وقد ورد في رواية أن المدة ثلاث عشرة ليلة.
(٥) سورة الأنفال: آية ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>