للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبا بكر الذي سارع لتبشير الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد علمهم المغيرة تحية الإسلام وأدب مخاطبة الرسول وقد أنزلهم الرسول في قبة في ناحية مسجده ليستمعوا القرآن ويشاهدوا صلاة المسلمين فيه، وقد أعلنوا إسلامهم، وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا (١)، وقد طلبوا من الرسول أن يؤخر هدم اللات ثلاث سنين - خوفا من غضب قومهم - فأبى إلا أن يهدمها، ولكنه أعفاهم من القيام بذلك وأرسل أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة لهدمها، كما طلبوا إعفاءهم من الصلاة لأنهم يرون فيها دناءة!! لما فيها من انحناء وسجود لله تعالى، وكأنهم نسوا أنهم


(١) أورد أبو عبيد في الأموال ٢٤٧ وابن زنجويه في الأموال ٤٤٢ كتابا طويلا قالا أنه كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم لثقيف، وهو من مرسل عروة بن الزبير وفي إسناده ضعف بسبب ابن هيعة، وقد ذكر أبن إسحق بدون إسناد ما يتعلق بتحريم وادي وج منه (سيرة ابن هشام ٤/ ٢٠٠) وأخرج الإمام أحمد في المسند ١/ ١٦٥ وأبو داود في سننه حديثا عن الزبير بن العوام في تحريم وادي وج بين الزبير أن التحريم كان قبل حصار الطائف وقد بين البخاري تفرد محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي به وقال أبو حاتم: ليس بالقوي في حديثه نظر وذكره ابن حبان في الثقات (تهذيب التهذيب ٩/ ٢٤٨). وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: لين. وقال البخاري عن أبيه: لم يصح حديثه وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطئ، وتعقبه الذهبي فقال:"هذا لا يقوله الحافظ إلا فيمن روى عدة أحاديث، وعبد الله ما عنده غير هذا الحديث، فإن كان أخطأ فيه فما هو الذي ضبطه؟ " (تهذيب التهذيب ٤/ ١٩٤) وقد ذكر الخلال في العلل أن أحمد ضعفه وصحح الشافعي حديثه واعتمده (ميزان الاعتدال للذهبي) وصحح هذا الحديث الشيخ أحمد شاكر (المسند رقم الحديث ١٤١٦) وقد يتساهل في التصحيح ولعله رحمه الله اعتمد تصحيح الإمام الشافعي للحديث، ومعلوم أن الأئمة البخاري وأحمد وأبا حاتم أكثر تخصصا بالحديث من الإمام الشافعي على جلالة قدره فالحديث لا يصح وأيضا فإن الإمام الشافعي أخذ بهذا الحديث في القديم ولم يأخذ به في الجديد بل اتفق فيه رأيه مع رأي الجمهور بعدم تحريم وج (الزرقاني: شرح المواهب اللدنية ٤/ ١٠) فأحسبه تنبه إلى ضعف الحديث. وقال الخطابي: "ولست أعلم لتحريمه وجا معنى إلا أن يكون ذلك على سبيل الحمى لنوع من منافع المسلمين، ويحتمل أن يكون ذلك التحريم إنما كان في وقت معلوم، وفي مدة محصورة ثم نسخ" وبين الخطابي أن المسلمين أثناء حصار الطائف أفادوا من شجر وصيد ومرفق المكان فدل ذلك على أنها حل مباح (مختصر سنن أبي داؤد للمنذري ٢/ ٤٤٢) وإنما سقت هذه الحاشية الطويلة لئلا يعتمد الدارسون عليها في بيان السياسة الشرعية. خاصة أن بعض الباحثين المعاصرين اعتمد على هذا الكتاب وظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم تنازل لثقيف بتحريم وج الذي كانت تحرمه (عون الشريف قاسم: نشأة الدولة الإسلامية ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>