للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضعيف، وعلى الرطب واليابس، في البر والبحر" فنشطت بهم حتى أبلغتهم المدينة ولم يشتكوها (١).

وفي طريق العودة حاول المنافقون وهم متلثمون لا يعرفون تنفير دابة الرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى الثنايا لتطرحه، ففطن لهم وأمر بإبعادهم (٢).

ولما اقترب الجيش من المدينة خرج الصبيان إلى ثنية الوداع يتلقونه (٣)، ودخل المدينة فصلى في مسجده ركعتين ثم جلس للناس. وجاءه المنافقون المتخلفون عن الغزوة فاعتذروا بشتى الأعذار، فقبل منهم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله، وجاء كعب بن مالك وقد سبقه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع، وقد أقر الثلاثة بأنه لا عذر لهم في تخلفهم عن الغزوة، ولم يرضوا أن يضيفوا إلى ذنب التخلف ذنباً جديداً وهو الكذب ن فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين عن الكلام مع الثلاثة، فاجتنبهم الناس خمسين ليلة وأمرت نساؤهم باعتزالهم، فذهبن عند أهلهن إلا زوجة هلال إذ كان شيخا كبيرا فبقيت لخدمته فقط بإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد ضاقت بهم الدنيا، وحاول ملك الغساسنة استغلال الموقف فراسل كعب بن مالك ليلحق به، لكن كعب بن مالك أحرق الرسالة وقال إنها زيادة في امتحانه. واستمرت المقاطعة حتى نزل القرآن يعلن توبة الله عليهم {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٤)} (٥).


(١) مسند أحمد ٦/ ٢٠ بإسناد حسن، وموارد الظمآن في زوائد ابن حبان ٤١٨.
(٢) مسند أحمد ٥/ ٣٩٠ - ٣٩١ بإسناد حسن. والبيهقي: السنن الكبرى ٩/ ٣٢ - ٣٣ من طريقين أحداهما عن ابن إسحق بدون إسناد والثانية عن عروة بن الزبير مرسلاً أيضاً، وفي الإسناد إلى عروة ضعف بسبب ابن لهيعة.
(٣) صحيح البخاري، كتاب المغازي ٦/ ٨.
(٤) سورة التوبة: آية ١١٨.
(٥) فتح الباري ٨/ ١١٣ - ١١٦ من رواية البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>