للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب بعض عناصر الالتقاء، ويكسبهم مرونة عالية في التعامل معهم داخل المجتمع الإسلامي بمنح الأقليات الدينية حرية المعتقد، وحق الحماية. وإمكان التعايش السلمي معهم، بل تلطيف هذه العلاقة مع الأقليات الدينية عندما تسمح عقائد المسلمين ببرهم ومهاداتهم.

ولو افترضنا على سبيل الجدل أن المسلمين ينكرون نبوات الأنبياء السابقين على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، لتغير موقفهم من الأقليات الدينية التي ما كانت لتتمكن من المحافظة على وجودها لولا التسامح الديني الذي لم يشهد له التاريخ الإنساني مثيلا حتى اعتبرت الدولة الإسلامية مسئولة عن حماية أماكن العبادة للديانات الإلهية الأخرى مثل حمايتها للمساجد الإسلامية قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} (١).

ولا مانع من الجدل الديني بين المسلمين وأهل الكتاب بشرط أن يتقيد الجميع بأدب المناظرة. قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٢). وقال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (٣).

وقد اعترف عديد من الباحثين الغربيين بتسامح الإسلام والمسلمين فقال غوستاف لوبون: "إن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب، ولا دينا سمحا مثل دينهم".

ويقول توماس أرنولد: "كان المسلمون -على خلاف غيرهم- إذ يظهر لنا أنهم لم يألوا جدها في أن يعاملوا كل رعاياهم من المسيحين بالعدل والقسطاس".


(١) الحج:٤٠.
(٢) العنكبوت:٤٦.
(٣) الأنعام: ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>