للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما يطرأ عليه الغضب يطرأ عليه النسيان، فهو وإن كان الله قد رفع درجته فوق الخلق كلهم فإنه لم يبرئه من سمات الحدث ولم يخله من الأعراض البشرية (١). فقد سها في صلاته ونسى بعض العدد من ركعاتها حتى ذكر بها ونبه عليها.

روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي، فصلى بنا ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين قال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال: لم أنس ولم تقصر. فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم) (٢).

ولم تمنع نبوته ورفعة درجته أصحابه من مراجعته في الرأي حتى يعزم الله له، ففي صلح الحديبية راجع عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في موافقته على شروط الصلح فقال عمر - رضي الله عنه - "فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري. قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى فأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك آتيه ومطوف به) (٣).


(١) الخطابي: أعلام الحديث ٧٧.
(٢) صحيح البخاري حديث رقم ٤٨٢ (فتح الباري ١/ ٥٦٥).
(٣) رواه البخاري في صحيحه كما في فتح الباري حديث رقم ٢٧٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>