للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكمهم عليه بأنه متروك، ولا شك أن جمع مرويات الراوي ودراستها والحكم عليه من خلالها كان منهج كثير من الأئمة النقاد في الحكم على الرواة المكثرين. وقد لخص الحافظ الذهبي الحكم عليه بدقة بارعة فقال: "جمع فأوعى، وخلط الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين، فاطّرحوه لذلك، ومع هذا فلا يستغنى عنه في المغازي وأيام الصحابة وأخبارهم". ثم قال: "وقد تقرر أن الواقدي ضعيف، يحتاج إليه في الغزوات والتاريخ، وتورد آثاره من غير احتجاج. أما في الفرائض فلا ينبغي أن يذكر، فهذه الكتب الستة ومسند أحمد وعامة من جمع في الأحكام تراهم يترخصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء بل ومتروكين، ومع هذا لا يخرجون لمحمد بن عمر شيئاً. مع أن وزنه عندي أنه ضعيف يكتب حديثه ويروي لأني لا أتهمه بالوضع، وقول من أهدره فيه مجازفة من بعض الوجوه، كما أنه لا عبرة بتوثيق من وثقه كيزيد وأبي عبيد والحربي ومعن، إذ انقعد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة وأن حديثه في عداد الواهي" (١).

وقد مال أبو داود السجستاني إلى أن الواقدي كان يفتعل الحديث، وأضاف: "ليس ننظر للواقدي في كتاب إلا تبين أمره، وروى في فتح اليمين وخبر العنسي أحاديث عن الزهري ليست من حديث الزهري" (٢).

وقال يحيي بن معين: "نظرنا في حديث الواقدي، فوجدنا حديثه عن المدنيين عن شيوخ مجهولين أحاديث مناكير، فقلنا يحتمل أن تكون تلك الأحاديث المناكير منه، ويحتمل أن تكون منهم، ثم نظرنا إلى حديثه عن ابن أبي ذئب ومعمر فإنه يضبط حديثهم، فوجدناه قد حدث عنهما بالمناكير، فعلمنا أنه منه فتركنا حديثه" (٣).


(١) الذهبي: سير أعلام النبلاء ٩/ ٤٥٤، ٤٦٩.
(٢) الخطيب: تاريخ بغداد ٣/ ١٥، ١٦.
(٣) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٨/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>