للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن عمر الواقدي (ت٢٠٧ هـ). وهو ضعيف عند المحدثين (١) مع غزارة مادته العلمية، ويقدم أحياناً إضافات على سيرة ابن إسحق، ويبدي رأيه في الروايات ويرجح بينها (٢). وكان يمتلك مكتبة كبيرة تضم ستمائة قمطر كتب، واحتاج نقلها من الكرخ إلى الرصافة إلى عشرين ومائة وقر (٣). ولم يقتصر على ما في الكتب بل تتبع مواضع الأحداث التاريخية بنفسه ووصفها، ولا تصلح مروياته للاحتجاج بها فيما يتعلق بالعقيدة والشريعة، ولكنها تنفع في وصف تفاصيل الأحداث مما لا يتصل بالعقيدة والشريعة، خاصة إذا لم يخالف الأخبار الصحيحة، فقد قال الحافظ ابن حجر - وهو الذي حكم على الواقدي بأنه متروك: "والواقدي إذا لم يخالف الأخبار الصحيحة ولا غيره من أهل المغازي فهو مقبول عند أصحابنا" (٤). وقد انتقى الحافظ ابن حجر من مغازي الواقدي وقال إنه في نفسه مصدر عند أهل العلم وأركان معدي المغازي مما لا يخالف غيره فيه (٥).والملاحظ في استقراء مغازيه أنه يسوق روايات كثيرة، من طرق فيها رجال لا نجد لهم تراجم في كتب علم الرجال، وأما الروايات التي ينقلها ابن سعد عن الواقدي فيبدو أنه انتقاها، حيث نجد تراجم رجال الإسناد في كتب علم الرجال، ومعنى ذلك أن أسانيد الواقدي فيها رجال ليست لهم رواية في الحديث، لذلك لم تترجم لهم كتب الرجال، أو أنهم مختلقون وضع أسماءهم الواقدي أو بعض شيوخه. وقد قال الإمام أحمد: "الواقدي يركب الأسانيد" (٦). ومن هنا يتضح سبب اتهام المحدثين النقاد له بالكذب والوضع


(١) الخطيب: تاريخ بغداد ٣/ ٢١.
(٢) الدوري: نشأة علم التاريخ عند العرب ٣١.
ومارسدن جونسن: مقدمة مغازي الواقدي ٣٤.
(٣) الخطيب: تاريخ بغداد ٣/ ٥ - ٦.
(٤) ابن حجر: التلخيص الحبير ٢/ ٢٩١.
(٥) ابن حجر: منتقى من مغازي الواقدي ق ٨٣ ب.
(٦) الخطيب تاريخ بغداد ٣/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>