للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن إعجاز القرآن فى نظمه وأسلوبه ,وقد تحدَّى العرب-وهم أمة البلاغة والفصاحة- أن يأتوا بمثله فعجزوا ,ودام التحدى عبر تاريخ الإسلام دون أن يحقق الأعداء استجابة ناجحة للتحدى .. ثم أن شريعة الإسلام بما تضمنته من أحكام عادلة وعبرت عنه من رؤية شاملة لمصالح البشر وتقدير لآمالهم وآلامهم ,وتحديد دقيق لعلاقاتهم ,وإبراز للحق والواجب ,وكل ذلك بنى على مراعاة المصلحة والتيسير للناس ورفع الحرج عنهم ومنع التعسف والظلم. وكذلك فقد مضى على نزول القرآن أكثر من أربعة عشر قرنا دون أن يظهر العلم المتطور والبحث المتقدم أية تناقضات بين ما ذكره القرآن وما كشف عنه علم الإنسان النظرى والتجريبى فهذا كله دليل على أن القرآن من عند الله وليس كلام محمد -صلى الله عليه وسلم-,بل أن الفرق واضح بين بين أسلوب القرآن وأسلوب الرسول كما يظهر فى أحاديثه. ومعروف لدى نقاد الأدب استحالة أن يكتب الكاتب بأسلوبين متمايزين تمايز أسلوبي القرآن والحديث. وهذه الأوجه تغنى عن محاولة افتعال أوجه أخرى للإعجاز مثل فكرة الإعجاز الرياضى التى لم تبن على حقائق العلم بل استغلت موافقات معينة لخدمة أهداف مريبة سواء اتصلت بتدعيم مكانة الرقم تسعة عشر عند البابيين والبهائيين ,أو بالكسب المادى عن طريق الإثارة وادعاء التجديد مما يؤدى إلى رواج المنشور-وانخداع السذج بما فيها من معلومات غريبة ظاهرها خدمة الإيمان ,وباطنها التشكيك والنقض لأقوال السلف بل ولصريح القرآن.

وقد حذَّر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من تفسير القرآن بالرأى دون دليل فقال: (من قال فى القرآن برأيه فليتبوَّأ مقعده من النار) (١).وقال عليه الصلاة والسلام: (من قال فى القرآن برأيه فأصاب فقد اخطأ) (٢).


(١) رواه الترمذى وقال: هذا حديث حسن (سنن٢/ ١٥٧).
(٢) رواه الترمذى: (سنن٢/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>