للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك ما حدث فى غزوة تبوك حيث أخبر معاذ بن جبل بأن عين ماء تبوك كانت تبضُّ بشئ من ماء, وأن المقاتلين وقفوا عليها ,ومعروف أن جيش تبوك هو أكبر جيش قاده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فماذا يجدى معهم ماء لا يكفى للرجل الواحد إلا بعد جمعه فى إناء! فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يديه ووجهه بماء جمع له من العين في إناء, ثم أعاده فى العين فجرت بماء منهمر, فقال لمعاذ: "يوشك يا معاذ أن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد ملئ جنانا" (١).

وكذلك فقد استفاضت الأخبار الصحيحة فى تكثير الطعام بين يديه عليه الصلاة والسلام, منها حديث جابر بن عبد الله -رضى الله عنه-فى الخندق, حيث رأى النبي -صلى الله عليه وسلم-

يعصب بطنه بحجر من الجوع, فقد لبث المسلمون ثلاثة أياما لا يذوقون طعاما ,فطلب جابر من امرأته أن تصنع طعاما فذبحت ماعزا وطحنت شعيرا, فصنعت من اللحم والشعير برمة ,وذهب جابر فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى طعامه قائلا: طعيم لى فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان ,فصاح النبي بأهل الخندق ودعاهم إلى طعام جابر وهم ألف ,فأسقط فى يد جابر واشفق من قلة الطعام ,فبارك النبي فى الطعام قال جابر: فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا, وإن برمتنا لتغط كما هى, وإن عجيننا ليخبز كما هو (٢).

وقد تكرر تكثير الطعام فى وليمة زواجه-صلى الله عليه وسلم- من زينب رضى الله عنها ,فقد أهدت له أم سليم حَيْسةً فى برمة صنعتها من تمر وسمن وأقط, فدعا النبى-صلى الله عليه وسلم- رجالا غصَّ بهم البيت ودعا بما شاء الله له من الدعاء ثم أكلوا منها جميعاً (٣).

وفى غزوة تبوك نفدت أزواد المسلمين حتى هموا بنحر بعض إبلهم التى تحملهم ,فقال عمر بن الخطاب -رضى الله عنه-:يا رسول الله لو جمعت ما بقى من أزواد القوم فدعوت الله عليها ففعل, فجاء ذو البر ببره وذو التمر بتمره


(١) رواه مسلم فى صحيحه٣/ ١٧٨٤.
(٢) رواه البخارى ومسلم (صحيح البخارى٧/ ٣٩٥ وصحيح مسلم ٣/ ١٦١٠).
(٣) رواه البخارى فى صحيحه ٩/ ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>