للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (١).

وقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت بعد المعركة يتفقد أنس بن النضر، فوجده بين القتلى وبه رمق، فما كان منه - بعد أن ردَّ على سلام الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن قال: "أجدني أجد ريح الجنة، وقل لقومي من الأنصار: لا عذر لكم عند الله إن يخلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم شفر يطرف" وفاضت عيناه (٢).

فيالها من وصية تفوح بالحب الذي لا يؤثر فيه الموت وآلام الجراح. وكان أبو طلحة الأنصاري يحمي الرسول صلى الله عليه وسلم ويرمي بين يديه ويقول: "لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك" (٣).

ورغم هذا الحب العميق لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومفاداتهم له بالنفس والنفيس، فإن عقائد المسلمين استقامت بفضل الله، فلم يتجاوزوا صفة النبوة، ولم ينسبوا إلى نبيهم صفات الألوهية، ولم يعبدوه من دون الله، بل كان صوته صلى الله عليه وسلم يتردد في عقولهم (أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد) (٤) ومن قبله تذكير القرآن ببشرية الرسول صلى الله عليه وسلم {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} (٥).

وإنه يصيبه ما يصيب البشر {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (٦).


(١) صحيح البخاري (فتح الباري ٦/ ٢١، ٧/ ٢٧٤، ٨/ ٥١٧).
(٢) الهيثمي: مجمع البحرين ٢/ ٢٣٩ من رواية ابن إسحق بإسناد رجاله ثقات.
(٣) صحيح البخاري (فتح الباري ٧/ ٣٦١).
(٤) صحيح سنن ابن ماجة ٢/ ٢٣٢.
(٥) الكهف: ١١٠.
(٦) آل عمران: ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>